السبت، 21 أبريل 2018

عقيدة الرجعة وحيرة القطيفي في رفع المهدي



بقلم / آملة البغدادية

عقيدة رجعة آل البيت من أهم العقائد عند الشيعة لتوثيق عقيدة الغائب عند العوام وخلق جند الإمام السفاحين .
هذه العقيدة بذاتها نفاها الله تعالى في محكم كتابه ، أي بآيات محكمة .
من سورة الأنبياء ( وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ) الآية 95
من سورة يس ( أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ ) الآية 31
من نفس السورة ( فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) الاية 50

إذن من أين يثبتون عقيدة الرجعة من القرآن ؟ الجواب بالتأويل الفاسد
( { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } الأنعام الآية 185

والمراد هنا بالتأويل ( يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ ) ، اي رجعة آل البيت قبل يوم القيامة وبالخصوص (المهدي ) كآية عظمى لا يقبل بعدها التوبة ويقفل بابها بزعمهم، وهنا جاء اللفظ بأنه الحجة حيث خلطوا الأسم ( الحجة ) بمعنى عذر مع صفة القائم ( الحجة ) لزيادة الخلط والضحك على عقول العوام مع أن الله يقول وله الحكمة البالغة وسبق علم الغيب بما يفترون ــ فانظر إلى عظمة الله ومحكم كتابه ــ قال تعالى 
( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء الآية 165 .

إلا أن الشيعة لها قول مخالف مع استشكالات حتمية لما ادعوه من عقائد تخص الأئمة والمهدي الغائب المعدوم عندهم ، فقد كتب الشيخ أحمد آل طوق كتاب أسماه ( رسائل آل طوق القطيفي ) ومنه النص المراد فضحه هنا بقوله:
( أكثر ما وقفت عليه في سنيّ ملكه وجدتها دالّة ناطقة بلسان فصيح برجعة أهل البيت ، وإلّا لزم ؛ إمّا خلوّ الأرض من حجّة منهم ، أو أن القيامة بعد قيام القائم بأربعين سنة ، بعد ما ذكر من مدّة ملكه ، وأنه يرفع ، لا يموت ولا يقتل ، فيلزم طرح الآيات والروايات المستفيضة بأن كلّ مؤمن له قتلة وموتة [١] ، بل الضرورة الحاكمة بما صرّح به في الكتاب من أن ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) [٢]. فإمّا أن نقول بالرجعة أو نطرح تلك الأدلّة الصريحة عقلاً ونقلاً ، أو نقول بالمحال ، فتفطّن. والإشارة تكفي الحرّ ، والاستعجال صدّ عن زيادة البيان.)

أما رفع الحجة القائم 
فهذا تأويل آخر لآيات الله وقياس باطل خالفوا فيه القاعدة عندهم أن لا قياس ، فكما النبي عيسى عليه السلام رُفع إلى السماء ولم يُقتل فكذلك المهدي خاصتهم ! 
( بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء الآية 158
وفي وراثة الأرض بالتاويل أيضاً (( وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ )) (القصص:5) 

لذا جاءوا بتأويل الآية الخاصة برفعه الله إليه برواية مزعومة مكذوبة كالعادة استناداً لمصدرين في كتابيّ الكافي وبحار الأنوار المذكورة في رسائل آل طوق القطيفي : 
عن محمّد بن يعقوب [٧] : عن محمّد بن عبد الله : ومحمّد بن يحيى : جميعاً عن عبد الله بن جعفر الحميريّ : قال : قلت لأبي عمر العمريّ : إني أُريد أن أسألك عن شي‌ء وما أنا بشاكّ فيما أُريد أن أسألك عنه ، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجّة إلّا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوماً ، فإذا كان ذلك رفعت الحجّة وأُغُلق باب التوبة ، فلم يكن ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ، فأُولئك شرار من خلق الله وهم الذين تقوم عليهم القيامة ) أهــ

إضافة لهذا عمدوا إلى تأويل الأحاديث النبوية الصحيحة وحرفوا معناها ، كما ورد في جواب لموقع مركز الأبحاث العقائدية عن المهدي الغائب ، فقال هؤلاء الضالين : 
وقد وردت الاحاديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك منها: (لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو ان احدهم دخل جحر ضب لدخلتم) (راجع كنز العمال 11/134 رقم 30924، بحار الانوار 53/59 رقم 45).
فالحديث يشير إلى انه كل ما حصل في الامم السابقة سوف يحدث في هذه الامة وحيث ان الرجعة حدثت للامم السابقة بنص القرآن الكريم فانها سوف تحدث في الامة الاسلامية فلاحظ قوله تعالى (( أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم وَهُم أُلُوفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحيَاهُم )) (البقرة:243) فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة تدل على ان هؤلاء ماتوا مدة طويلة ثم احياهم الله فرجعوا إلى الدنيا وعاشوا مدة طويلة ) أ هـ

إلى هنا يفترض أن يقتنع عقل الشيعي المنكوس برفع الإمام الحجة بعد الرجعة ، ولكن حدث كالعادة استشكال جديد أو عدة استشكالات حول خلو الأرض من الحجة عند رفع القائم قبل يوم القيامة أربعين يوماً، ففي كتب الشيعة أن الأئمة المعصومين لا يموتون إلا باختيار منهم ، والمهدي سيموت قبل يوم القيامة بأربعين يوماً كما ورد في كتاب (تاريخ ما بعد الظهور) لمحمد صادق الصدر .
إذن عند خلو الأرض من الحجة ( القائم ) أربعين يوماً يجعل روايات آلمعصومين باطلة لأن لديهم ما يناقض هذا ( لا تخلو الأرض من حجة ) 
ـــ من جهة أخرى تعطيل الرجعة بحسب الآية 185 من سورة آل عمران ( كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ )

الآن كيف للشيعي أن يجمع كل هذا المخالف للمنطق مما يزيد اضطراب عقيدته ؟!
وعليه وجب على علماء الشيعة حل الإشكال فأوقعوا أنفسهم في استشكالات وجب اختيار أحدها إيهما المنطقي منها :

1 ـ يقول الشيعي بعدم وجود الحجة في كل زمان ولا وجود للرجعة .
2 ــ وجود الرجعة إلى يوم القيامة .
3 ــ وجود الرجعة ثم يموت المعصوم قبل يوم القيامة .
4ــ وجود الحجة بالرجعة وأنه يرفع لا يموت ولا يُقتل .
5 ــ تخلو الأرض من حجة بموت المعصوم بعد الرجعة أربعين يوماً .

لذا فأي منهم تهدم العقيدة الشيعية ، ومع أن الحق والصواب هو الاختيار الأول مما لا يمكن أن يقبله أي عالم منهم وإلا حكم على نفسه بالفقر مادياً ومعنوياً من أي سلطة كما حكم على عقيدة التشيع بأنها باطلة عقلاً ونقلاً .
أما القطيفي فاختار الرجعة مع علمه بتصادمها مع باقي الأدلة عندهم ، ورفض فكرة محال وجود الحجة والرجعة ، وبهذا أبقى للشيعي العامي ذلك التناقض دون حل للاستشكالات بدليل قاطع ومنطقي شرعاً وعقلاً ،هذا حتى مع تبجحهم باتباع آل البيت رضي الله عنهم وهم منهم براء بقوله :
( فإمّا أن نقول بالرجعة أو نطرح تلك الأدلّة الصريحة عقلاً ونقلاً ، أو نقول بالمحال ، فتفطّن. والإشارة تكفي الحرّ ، والاستعجال صدّ عن زيادة البيان ) .

وبهذا فالاختيار بشكل مهزوز متناقض ومستعجل هو الحل لإفلاسه هو وغيره من أي دليل قاطع على عقائد التشيع ومنها الرجعة .
وأقول الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم