الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

كشف الخفي عن مشروع «مجلس الرباط المحمدي» (3)



بقلم /  الشيخ فاروق الظفيري* 

تكلمنا في الحلقة السابقة عن محاولة اختراق فكر التشيع لمدرسة الحضرة المحمدية في الفلوجة عن طريق الطعن بالصحابة رضي الله عنهم من قبل المدعو عبد القادر الالوسي الذي كان مدرساً ثم مديرا لها عام 2005 وإلى الآن، هذه المدرسة العريقة التي درس بها كثير من علماء أهل الفلوجة وخرجت المئات من طلاب العلم الشرعي .

ولابد لنا ان نتكلم في هذه الحلقة بشيء من التفصيل عن المدارس الدينية في العراق والاغراض الحقيقية التي أنشئت من أجلها وأثرها في المجتمع ولماذا حاولوا اختراقها وتشويه سمعتها وعن أهم المدارس منها .

وقبل البدء بذلك أود أن أبين ما يلي :

بعد أن ذكرت في الحلقة السابقة عن الشيخ هشام الالوسي وهو أول مدير لمدرسة الحضرة المحمدية , ذكرت حسب مصادري بأنه كان يطعن بمعاوية رضي الله عنه , وتواصلت مع بعض مدرسي وطلاب المدرسة الذين استطعت التواصل معهم عن هذا الامر فقالوا ( لم نسمع الشيخ هشام يسب أو يطعن بسيدنا معاوية أو أحد من الصحابة في المدرسة ولا سمعناه مباشرة ولكن كنا نسمع أن البعض يتكلم من خارج المدرسة أن الشيخ هشام يفعل ذلك) وقال آخرون منهم لم نسمع بذلك مطلقاً ,, وبعد نزول الحلقة الثانية بأيام والتي فيها ذكر الشيخ هشام الالوسي , جاءتني رسالة عن طريق من أثق به وتوثقت منها أنها صادرة من الشيخ هشام , يقول فيها رداً على المعلومات التي نشرتها عنه في الحلقة السابقة ما يلي : ( أني أتبرأ الى الله تعالى من الكلام الذي نسب الي من سب سيدنا معاوية وباقي الصحابة رضي الله عنهم جميعاً , وأني أترضى عن جميع الصحابة وأعتبر هذا من الدين عندي , وكذلك يبين منزلة مدرسة الحضرة المحمدية , وكذلك يبين حقيقة الجمعية الخيرية وأنها كانت لفائدة الفقراء  ) انتهى .

ونحن هنا نقلنا رد الشيخ هشام الالوسي من باب الانصاف والامانة وإعطاء الفرصة لمن يُتهم بالدفاع عن نفسه , وليس عندنا خلاف شخصي مع أحد من الناس . وسوف ننقل هنا أي رسالة ممن سترد أسماءهم خلال البحث ويريد الدفاع عن نفسه .

المدارس الدينية في العراق وسبب إنشاءها :

أول مدرسة علمية شرعية بنيت في العهد العثماني لصد الانحراف الفكري هي المدرسة العلمية في سامراء , ولبناء هذه المدرسة قصة معروفة ذكرها الشيخ العلامة أحمد الراوي رحمه الله والذي قضى فيها اطول مدة تدريس حوالي 40 سنة , ونص الرسالة نقلها الاستاذ يونس ابراهيم السامرائي في كتابه تاريخ علماء سامراء , والرسالة غاية في الاهمية لمن يريد الاطلاع على تفاصيلها ,  ومن مصادر اخرى , مختصرها المفيد ( أن المرجع الشيعي الميرزا حسن الشيرازي نقل مقر إقامته من إيران إلى سامراء، وأنشأ لذلك مدرسة لعلوم الأمامية الاثني عشرية عرفت بـ(الشيرازية) نسبة إليه، والتي بدأت تتحرّك لتطال محافل الناس وأماكن تجمعاتهم مطلقةً حملات لنشر أفكارها بين جماهير المسلمين في تلك المدينة التي تشع بنور التوحيد. فتيقظ لها العلامة محمد سعيد النقشبندي وأخبر والي بغداد حسن باشا بذلك فأوعز الأخير إلى السلطان عبد الحميد الثاني يخبره بالأمر، ومن هنا بدأت الحكاية.

لما علم الشيخ محمد سعيد النقشبندي عن طريق تلميذه توفيق باشا بالموضوع فحط رحاله في مدينة سامراء وطلب من الوالي النجدة والنصرة للحفاظ على عقيدة الناس وصفاء دينهم، عندها كتب الوالي إلى السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله يخبره بما طرأ في المدينة وكان ذلك عام 1312هـ.

ويقول الشيخ أحمد الراوي في رسالته : أن سبب تأسيس المدرسة هو خشية تلاعب في الدين من بعض المنتسبين إليه ولم يوجد في ذلك التاريخ بهذه البلدة من العلماء من يقف لصد هذا التيار الجارف , وكان والي بغداد المرحوم الحاج حسن باشا وهو رجل من أهل الدين وأرباب اليقين فاخبر السلطان عبد الحميد  بذلك فاستفهم السلطان من الوالي إذ كما يقال صاحب الدار أدرى بالذي فيه وأنت الآن بين ظهرانيهم ولابد انك بهذه المدة قد وقفت على أحوال أهل البلاد وعرفت مراميهم فبأي طريقة يتلافى هذا الأمر ؟ فاخبره الوالي المشار إليه بان انجح طريقة لتلافي هذا الأمر هو وضع مدرسة دينية بذلك الموضع , فاصدر أمره العالي بإنشاء مدرسة دينية بهذا القضاء وأمره أن يعين فيها مدرسا يصلح لمثل هذا الأمر وان يكون من العلماء الأفاضل فطنا دينا سياسيا فانتخب الوالي رحمه الله المرحوم المبرور الشيخ محمد سعيد أفندي النقشبندي. فشد الرحال الى اسطنبول ليستقبله السلطان استقبالا باهراً وليصدر له أمراً بإنشاء مدرسة دينية تكون مرجعاً للمدينة ومصنعاً للعلماء، وكانت كذلك، وخصص له المبلغ الكافي لإنشائها والصرف على مستلزماتها، ثم شد الرحال راجعاً رحمه الله وتوجه إلى سر من رأى ( سامراء ) فاستقبلوه الاهلون بالتبجيل والترحيب المنقطع النظير وحسب ما سمعت من الثقات كأنه ظهر المهدي عليهم بقومه فانكبت عليه الناس من كل حدب وصوب وانتسب إليه البعيد والقريب والنسيب والغريب واستأجر دارا مقابلة للجامع الكبير من الجهة الشمالية واتخذها مدرسة واشتغل بالتدريس والإرشاد والوعظ وصار يدرس الشبان والكهول في تلك الدار حيث انه لم تكن المدرسة مهيئة للتدريس في ذلك الوقت وصار هذا ديدنه من حين صدور الارادة السنية في تعيينه وذلك سنة 1309 هجرية إلى سنة 1312 هجرية  . انتهى

وحين عاد إلى سامراء إجتمع بالميرزا الشيرازي صاحب المدرسة الشيرازية  وأراد الشيرازي أن يغري الشيخ النقشبندي بـ(1500) مثقال ذهب عثماني من اجل أن لا يبني المدرسة في مكانها المقرر ولكن الشيخ محمد سعيد رفض ذلك بشكلٍ قاطع، فكان من ثمرة ذلك الإصرار هو إنشاء صرح علمي تحتاج إليه المدينة في وقتٍ كان تتهددها معاول الباطل من كل جانب.

ولأن مجتمع المدينة ذات تكوين قبلي، فقد اختار الشيخ طريقة اختيار الطلبة على هذا الأساس، إذ إنتقى من كل عشيرة أذكى أبنائها وأدخلهم هذه المدرسة الوليدة، وجعل لهم مواضع للدراسة والطعام والمبيت وكل ما يحتاجه طالب العلم وقتئذٍ.

بدأت المدرسة أعمالها، وتوافد إليها كبار علماء العراق للتدريس من أمثال الشيخ عبد الحق شبيب المهداوي والشيخ عباس أفندي القصاب، والشيخ قاسم الغواص مروراً بالشيخين أحمد الراوي وأيوب الخطيب. وقد تخرج من هذه المدرسة المئات من العلماء ومن طلاب العلم الذين انتشروا في العراق فيما بعد , ومن هؤلاء العلماء الكبار الذين تخرجوا من هذه المدرسة على يد الشيخ احمد الراوي رحمه الله : الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه حفظه الله والشيخ غازي السامرائي رحمه الله والشيخ الدكتور عبد الله الجبوري والشيخ حسيب السامرائي وغيرهم كثير ,, وقد مرت على هذه المدرسة محن كثيرة ذكرها الشيخ الراوي رحمه الله في رسالته الطويلة , واليوم نحن في عام 2018 م والمدرسة مغتصبة من قبل الوقف الشيعي مع الجامع الكبير , هكذا كان تأسيس أول مدرسة علمية لصد التشيع في العراق

مدارس الأنبار

• مدرسة هيت الدينية:

وهي أقدم مدرسة دينية في الانبار

بنيت في زمن الدولة العثمانية واستمرت على يد المشايخ: الشيخ عبد العزيز سالم السامرائي والشيخ طه علوان السامرائي والشيخ ابراهيم رحيم الجدي وغيرهم , ومن أشهر تلامذة الشيخ عبد العزيز السامرائي فيها هم الشيخ عبد الغفور فواز و الشيخ صبحي الهيتي. والشيخ ياسين تركي الحنبلي  و الشيخ عبد الرزاق محمود حبيب.

الشيخ عبد العزيز سالم السامرائي رحمه الله


أما الشيخ طه علوان السامرائي فكان تلامذته منهم :  المُلا دونون خميس الشمري، احد علماء علم الفرائض والشيخ احسان حامد الهيتي  والشيخ قوام الدين عبد الستار الهيتي
وأما الشيخ ابراهيم رحيم الجدي فكان من تلامذته : الدكتور احمد رميض الهيتي والشيخ صلاح الدين عبد الستار  والشيخ شاكر جمعة الكبيسي  والشيخ محمود مجيد  الكبيسي والشيخ حامد الكبيسي. والشيخ طراد عبطان الشامي . والشيخ ذوالنون عبطان الشامي. والشيخ صادق عبيد الكبيسي .                             

لم يرق للشيخ عبد العزيز السامرائي رحمه الله البقاء في هيت فتوجه للفلوجة الى مدرسة الآصفية , ومن هناك كان بروزه الفعلي
• مدرسة الآصفية في الفلوجة:

أنشأت مدرسة الآصفية في الجامع الكبير في الفلوجة والذي بناه القائد العثماني الفريق كاظم باشا عام 1898 م على نهر الفرات في المنطقة المقابلة لسراي الحكومة وسمي آنذاك بجامع كاظم باشا , وكان أول خطيب للجامع هو الشيخ إبراهيم الجبوري رحمه الله عام 1898 – 1916 , استمر التدريس في المدرسة على الطريقة الملائية لتدريس القرآن الكريم وبعض العلوم الشرعية الى ان تم الحصول على الموافقة الرسمية لتأسيس المدرسة الآصفية في عام 1944 واسند تدريسها القاضي محمد أمين الخطيب رحمه الله والذي توفي عام 1948 م ومن ثم نقل اليها من مدرسة هيت المرحوم الشيخ عبد العزيز سالم السامرائي والذي بقي من عام 1948 – 1971 م وبدأ عصرها الذهبي على يد هذا العالم الرباني , ثم تعاقب على إدارتها والتدريس فيها المرحوم الشيخ إبراهيم الهيتي من 1972 – 1973 م , ثم أغلقت المدرسة لتتحول الى إعدادية الدراسات الاسلامية ثم أخرجت من الجامع الكبير , وقد تخرج من هذه المدرسة كوكبة من المشايخ منهم الشيخ حمزة العيساوي مفتي الفلوجة رحمه الله والشيخ حامد النوري والشيخ توفيق فرج الوليد والشيخ خليل محمد الفياض والشيخ جمال شاكر نزال والشيخ الدكتور عبد الملك السعدي والدكتور هاشم جميل والشيخ الدكتور عبد الرزاق رحيم الجدي الشمري والشيخ الدكتور محمد دفيش الجميلي والشيخ عمر حمدان رويجع الكبيسي  والشيخ علي حسين العيساوي والشيخ عبد الهادي جاسم العيساوي والشيخ محمود عبد العزيز العاني والشيخ فوزي عبد الله الكبيسي والشيخ كمال شاكر النزال والشيخ اسماعيل كاظم لواص العيساوي والشيخ مشعان سعود عبد العيساوي و الشيخ عبد الستار ابراهيم رحيم جدي والشيخ يحيى ناصر الصفار الشمري و الشيخ محمد ناجي الهيتي و الشيخ اسماعيل جلوب جدي الشمري . وغيرهم كثير رحم الله من مات وحفظ الله من بقي,

وقد ذكر هذه المدرسة الدكتور عدنان الدليمي رحمه الله في كتابه نهاية المطاف ص66 عند الكلام عن الشيخ العلامة عبد العزيز سالم السامرائي رحمه الله فقال : لم يكن في لواء الدليم ( الانبار حاليا ) علماء لهم تأثير في الوسط الاجتماعي ولم يكن هناك مدارس شرعية نشطة , وفي عام 1948 م عين في الفلوجة العالم الكبير عبد العزيز سالم السامرائي وهو تلميذ الشيخ أحمد الراوي في المدرسة العلمية في سامراء ,وكان رجلا حازما ومدرساً على درجة كبيرة من العلم والتقوى , وكانت المدرسة في الجامع الكبير وتسمى بمدرسة الاصفية , خرجت هذه المدرسة مجموعة من العلماء وطلاب العلم من شتى مناطق العراق ونذكر منهم : الشيخ صبحي الهيتي والشيخ عبد الغفور الهيتي والشيخ ابراهيم جدي الهيتي والشيخ الدكتور عبد الملك السعدي والدكتور حمد عبيد الكبيسي واخوه الدكتور احمد الكبيسي والشيخ الدكتور حارث سليمان الضاري , وتوفي الشيخ عبد العزيز السامرائي عام 1974 م رحمه الله , فخلفه في المدرسة تلميذه الشيخ ابراهيم الجدي رحمه الله الذي سجن بعد قيادته مظاهرة ضد الحفل الماجن الذي اقيم في نقابة المعلمين في الفلوجة والتي كان يسيطر عليها البعثيون , توفي في الفلوجة أثر صعقة كهربائية رحمه الله . وبعد الاحتلال الامريكي أفتتحت مرة ثانية تحت اسم مدرسة الشيخ عبد العزيز سالم السامرائي , هكذا كانت مدرسة الاصفية التي تخرج منها كبار العلماء والتي كانت بذرة من حسنات المدرسة العلمية في سامراء عن طريق الشيخ عبد العزيز السامرائي رحمه الله .

ثم هناك مدارس عديدة في الانبار  منها:
مدرسة الأحمدية الشرعية في الخالدية و مديرها الشيخ أيوب محمد الفياض الكبيسي رحمه الله تعالى.
مدرسة (كبيسة) بإدارة الشيخ عبد الستار الملا طه رحمه الله.
 مدرسة الرطبة ويديرها الشيخ حامد عطيوي الكبيسي.
ومدرسة الكرابلة ويديرها الشيخ ناظم نجيب الأشعب.
ومدرسة عثمان بن عفان في هيت، ويديرها الشيخ إبراهيم رحيم جدي.
ومدرسة الرمادي، كان يديرها يديرها الشيخ العلامة عبد الملك عبد الرحمن السعدي.

الشيخ عبد الملك السعدي حفظه الله

ومدرسة أبي صيدا، ويديرها الشيخ جمال شاكر محمود النزال
وكانت هذه المدارس هي السبب الرئيسي في محبة أهل الانبار للتدين والعلم والمحافظة على الهوية السنية مع مدارس الموصل وبغداد والحمد لله
ثم مدرسة الحضرة المحمدية في الفلوجة والتي سيكون الكلام عليها في الحلقة المقبلة ان شاء الله مع مواضيع اخرى مهمة
والله الموفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق