نحن الأقلية
نطالب بالفدرالية
بقلم
/آملة البغدادية :: خاص مشروع عراق الفاروق
بدءاً أعلم أن
العنوان سيعترض عليه الكثير، فأهل السنة ليسوا أقلية كما تم ترويجه منذ عقود،
وصدقه قسم كبير من أهل السنة ، والمقالة ليست بصدد التبيين بأنهم أكثرية ، بل بصدد
التأكيد على أنهم (أقلية) وفق مقتضى التصنيف، فهم الذين يرفضون إشراك الشيعة في
الحكم خاصةً في المناصب الحساسة، بينما منهم الموافقون على إشراكهم وهم ما فيهم من
وعي لحقيقة عقيدة التشيع وأهدافه . مطلب الإقليم ضرورة بل واجب لحفظ الدين وما
تحفظه الشريعة ، والقوانين الدولية تعترف أن للأقليات حقوق ، ولهذا يفترض أن تُفع
كمطلب سريع في هذه الانتفاضة السنية ، وللمجتمع الدولي واجب الوقوف بجانبهم حين
تعرضهم للظلم من قبل الحكومات ، كما وقفت مع الشيعة قبل الغزو ، وها نحن ننتظر
تطبيق حقنا في الإقليم السني الكبير بعيداً عن الشيعة ، وسنرى كم عددنا حينها بإذن
الله بعد أن يطالب السنة (الأكثرية) بالعودة معنا .
أما دواعي هذا
التعريف فأدناه هي الأسباب .
انتفاضة
الأنبار
ثورات الربيع
العربي ما زالت في زوابعها لا تهدأ ، وما نراه من حراك في محافظة الأنبار غرب
العراق هو نواة لثورة سنية على الطغيان الشيعي بعد فضائح اغتصاب الحرائر في السجون
التي جعلت الدم يغلي في العروق ، مع سلسلة من الانتهاكات لا يمكن حصرها ولا السكوت
عليها، وما حادثة اعتقال حماية وزير المالية (رافع العيساوي) إلا كسر لبوابة
الغليان وليست الهدف الرئيسي للانتفاضة، بل هي فرع من مطلب إطلاق سراح المعتقلين
بقانون (4 أرهاب أو 4 سنة الصفوي). لا شك أن انتفاضة الأنبار شكلت الصدمة الثانية
والضربة الصادعة لعرش الصفوية الجدد بعد ثورة سوريا ــ عجل الله بنصرهما معاً ـ لتهيأ
التمكين لحكم أهل السنة والجماعة على أسس التوحيد والشريعة بإذن الله ، فمنذ
الأيام الأولى لها تبين التصويب في الهتاف وأعلنوها (سنية) من قبل أهل الفلوجة الأبطال،
لكن سرعان ما دخلت جموع (اللا فرق)تعطل المسيرة وتحاول إسكات الهوية التي طال
غيابها حتى توافدت قوافل من شيعة الجنوب إلى الأنبار مفتحة لهم الأبواب ، بينما
تعرقل القوات الحكومية وفود كركوك وسامراء أمام وصولهم إلى الأنبار ، بل تم اعتقال
عدد منهم في نهج معلوم ليس مستغرب، وما نزال نراقب تجمع أخواننا في نينوى ــ نسأل
الله لهم العون والفرج ــ في ظل الحصار المفروض عليهم من قبل القوات الحكومية
وجماعات الدولة والبيشمركة .
واهمٌ من يقول
أنها مماثلة لثورة الخامس والعشرين من شباط من عام 2011 ، فلو تم القضاء على
الثورة حينذاك فلن يكون الوضع مماثل الآن ، وذلك بسبب الطغيان الأهوج المتزايد في
خلق الأزمات كما وصفوا أفعال المالكي وأعضاء كتلته الصفوية . لن يكون الوضع مماثل
بسبب الحراك السني الذي بدأ بالتفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ أشهر ،
والذي مثل قلق كبير في أوساط الشيعة بأن الهدف منه هو تشكيل جيش عراقي حر ، ومع أن
الحديث عن أحقية هذا الأمر من عدمه لا دخل له بغرضي من المقالة ، إلا أني لا أشك
في أن اشتراك الشيعة في التواجد ضمن جموع الانتفاضة ، ولو أعلنوا تضامنهم للهدف
العام فله علاقة بمعرفة مدى إمكانية تطور الحدث لتفعيله كنتيجة هذا الغليان من جهة
، ومن جهة أخرى لخلط الأوراق وسرقة مظالم السنة لهدف هم فيه الرابح الأكبر وأهل
السنة العرب الخاسر الأوحد ، إلا وهو تغيير الحكومة برئيس آخر من نفس الطينة ، بل
خرج علينا من يمثل أهل السنة بصفته رئيساً لـ (اللجنة الإعلامية للانتفاضة ) يدعو
للوحدة ويمجد المجرم قائد جيش المهدي (مقتدى الصدر) ويناديه للمساعدة لرفع
الانتهاكات ، ووقف ورائه باقي أعضاء اللجنة غير معترضين! . لا أدري لم يكملوا
مطالبهم تلك ويعرضوا عليه رئاسة اللجنة للإسراع برد الظلم ؟! . لا أجد وصف يليق به
وبمن حوله إلا قول حسبنا الله ونعم الوكيل .
لقد تحرج أهل
السنة من مطالب (الفدرالية) التي هي الحل لكل الانتهاكات، وفيها بداية رد الحقوق
وتولي القيادة وتغيير الدستور الأسود وما تبعه من فساد القوات المسلحة وهيمنة
إيران بإذن الله بخطوات لاحقة ، ولا يوجد مبرر مقنع لعدم إعلاء الإقليم السني غير
التمسك بالوحدة الوطنية التي لم نلمسها منذ الغزو ، فلو أعطونا سبب غيره لتركنا
الفدرالية وتمسكنا بالوحدة الوطنية التي خسرنا بسببها أهم موقع وهو (الزبير) في
محافظة البصرة وتم تشييعها وتهجير أهلها السنة ، بل الاستحواذ على آبار النفط ولا
وجود لأهل السنة أثر فيها ، بل التناحر على قدم وساق بين حزبي الدعوة والفضيلة
المسيطر على آبار الجنوب وهما من نفس كتلة دولة القانون .
أهل السنة (مارد)
تخشاه الشيعة ومشكلتهم أنهم لا يعون هذا ، فهم أهل القوة وقوتهم في عقيدتهم ،
وقوتهم في خبرتهم في الحكم وثقافتهم ، بينما الشيعة ضعاف في العقيدة والعلم
والخبرة لأنها تستند إلى أرضية هشة ، ولهذا يفزعون من أي حركة وأي صرخة من المارد
السني كونها تستدعي النفير العام عندهم لإبعادهم من الحكم ، هؤلاء الخونة هم الذين
سرقوا الحكم بطريق غير شرعي وأداموه بطريق الجرائم المنظمة . ومعلوم أن الشراكة
الحقيقية للسنة في الحكم لا موجب لها عند الشيعة ، وعلى لسان المالكي تم التصريح
في أكثر من موقف بأن الحكم للأغلبية ــ قاصداً الشيعة بزعمهم ـ مطلقاً هويته
الشيعية فوق باقي المسميات ، وهي الطائفية المقيتة بعينها في التفرد بالحكم لا
بإعلان الهوية ، فقد نصر هويته وفشل فيها أغلب السنة ! . استدعت التظاهرات حد
التغيير في التصريحات، حتى من الذين نالهم النصيب الأوفر من الطائفية الصفوية ،
وليس هذا إلا خشية المطالبة بالفدرالية فكيف لو طالب أهل السنة بالانفصال ؟ .
نظرة
على التصريحات
معلوم أن الخلافات
مع كردستان تتمحور حول حق (الإقليم ) في إبرام العقود النفطية وتطبيق اتفاق أربيل بما
يخص إعلانه رسمياً مع ضم المناطق المتنازع عليها . ومعلوم أيضاً أن نص الدستور
لفقرة الأقاليم كان لأجل الأكراد ومتفق عليه ـ بغض النظر عن تطبيقه ـ كشرط لإسقاط
النظام وتقاسمهم السلطة قبل الغزو بما لا يخفى على أحد . إذن هي مسألة سياسية كما
يصفها الساسة جميعاً لا من حيث الجوهر . والسؤال الذي غفل عنه الجميع : أين تظاهر
الأكراد مع سنة العرب في مطالبهم بحق الإقليم ومتى يصبحون جبهة واحدة ؟ . الغريب
أن هناك عدم قبول للتحاور بشأن إقليم كردستان ، بينما يمنع مجرد التفكير بشأن إقليم
سنة العرب . إن التهرب من الحقيقة في الأمور العادية لا يجدي فضلاً عن النطق بها،
والتهرب منها في أمور السياسة التي تحدد حقوق الفرد ونهضة البلد واستقراره تؤدي
إلى التراجع وتفاقم الأزمات ، وهذا هو سبب تناقض تصريحات الساسة عما سبقها، فالانتهاكات
أجمعها تعود أسبابها للخلاف العقائدي الديني الذي انعكس على الأجهزة العسكرية بشكل
منفر ومرفوض، وهذه أمثلة مقتطعة :
ــ الشرقية نيوز : انتقدت كتلة التحالف الكردستاني
زج المعتقدات المذهبية في الخلافات السياسية مؤكدة إدانتها للطروحات الطائفية
داعية لتعزيز الوحدة الوطنية وأعربت الكتلة في بيان وزعه المكتب الصحفي للتحالف
الكردستاني أسفها للطروحات الطائفية التي يلجأ لها البعض في تناوله للخلافات
السياسية وترى ان مثل هذه الطروحات لا تنسجم مع الدستور والقانون والقيم الوطنية
التي يعلن الجميع الالتزام بها وشدد التحالف على إيمانه بضرورة تجنب كل ما من شأنه
بث الفرقة بين المواطنين على تباين مذاهبهم ومعتقداتهم وأفكارهم كما دعا إلى تجنب أي
شكل من أشكال التصعيد والعمل المشترك لتحري ما يعزز النسيج الوطني وترسيخ السلم الأهلي
وليس النفخ فيما يضر مكونات الشعب . أهـ
ــ مقتدى الصدر قاد جيش المهدي الذي سفك
دماء أهل السنة : أنا خادم أهل الأنبار ، وأضاف في تصريح آخر ، إن من حق الشعب
العراقي التظاهر . وقد حذرت من ذلك كثيرا ، وحذرت من ربيع عراقي قادم . ولم يكترث
احد . وأردت الذهاب والمشاركة مع أهالي الانبار لكن ما منعني هو رفع صور صدام
وشعارات طائفية
".
ــ القائمة العراقية عن (واع) :"إن العراقية بقيادتها وجماهيرها إذ
تثمن شجاعة السيد مقتدى الصدر ولمسه الجرح الغائر في جسد العراق والرغبة في الإصلاح
فإنها تعتقد بان هذه المواقف المتضامنة مع المطالب العادلة للمتظاهرين إنما تسهم
في إخراج التظاهرات من بعدها الفئوي ويضفي عليها هويتها الوطنية". ودعا
البيان باقي القيادات والكتل السياسية إلى "أن تحذو حذو الصدر في دعم مطالب
المتظاهرين لإحقاق الحق" .
ــ بيان الائتلاف الوطني : إدانة كل
التخرصات الطائفية وإطلاق سراح الأبرياء واحترام القضاء وإبعاده عن الضغوط ، ويضيف
البيان أن الأزمات الراهنة بحاجة إلى شراكة حقيقية .
ـــ طارق الهاشمي بعد تصريحه بأن استهدافه
كسني : يحذر من وجود خطط لتغيير البنية الوطنية في العراق أرضاً وشعباً ، ويوجد تصريحات
لنائب رئيس الوزراء صالح المطلك ورئيس القائمة العراقية سلمان الجميلي وغيرهم ترفض
الفدرالية وتنادي بالوحدة ، وهم يعلمون أن لكل منهم (ملف جرائم) جاهز عند اللزوم
في حوزة المالكي وآخرها ملف وزير المالية رافع العيساوي وهو يتكلم بذات الكلام
الذي لا منطق له .
لا مجال لضياع
الوقت وهو ما لا نملكه أصلاً بحجة التمسك ب (الوحدة الوطنية) ذلك الصنم الذي تهاوى منذ
عشر سنوات بأسم مظلومية وديمقراطية مزيفتين، ولا ينفع أن يرتق الثوب المهتريء، فقد
بانت حقيقة التشيع وخطط توسعه على حساب الأمة أهل السنة ،، وآن للجسد أن يبحث عن
ثوب جديد.
ما
المطلوب ؟
ليعلم الجميع أن
كل انتفاضة تبدأ بمطالب خدمية ثم تتصاعد ، وربما أذعن المالكي ومن معه وإيران
بتلبية بعضها ، وربما تم تغيير المالكي بغيره بمطلب إسقاط النظام ، ولا فرق ، وبهذا
سيتم القضاء على هذه الفرصة التاريخية، وربما يتم اعتقال العديد منهم ككل مرة إن
لم يحسموا الموقف بتغيير جذري ،لأن مطالبهم لا ترقى إلى إلغاء الدستور أو تغيير
بنوده المعادية للسنة والذي أسس للأحزاب والإرهاب والسجون ، ولا ترقى إلى حسم أغلبية السنة لتولي
الحكم على أساسه ، ولا ترقى إلى تعيين أشخاص متفق عليهم لتشكيل حكومة ديمقراطية
عادلة تقاطع إيران الشر ، ومعلوم أن كل هذه المطالب لا يؤمن بها الشيعة .
يجب أن يعي أهل
السنة إلى أن المراد هو بقاء الظلم عليهم إلى أجل غير مسمى وبيد نفس الطغمة فالهدف
واحد ، وليعلم أهلنا أن ما يجري من دعوات لعشائر الشيعة في الانتفاضة ، أو جعلها
انتفاضة عامة للعراقيين، فيعني طمس مطالبهم وهويتهم ، بل جعلوا من أنفسهم (حصان
طروادة) شاءوا أم أبوا يركبه الشيعة لمصلحتهم فقط لا غير . ولعمري أي حصان ! هو
يأن من جراح الراكبين وسياطهم وهم في الخارج ، فما الذي سيصفون أهل السنة إن تم
إلغاء هويتهم ؟ وما العذر الذي سيقدموه لأهلهم في السجون وخاصة السجينات اللاتي
انتهك عفافهن ؟ ناهيك عن الشهداء من فصائل المقاومة الذين ضحوا بدمائهم من أجل
حياة كريمة ،فمن اجلهم ومن أجل الذين تم اغتيالهم بأيدي الصفوية من ضياع حقهم في
رد مظلمتهم في الدنيا إلى إشعار آخر .
لهذا نحن (أقلية)
كترتيب جديد مفروض من بين أهل السنة والجماعة من بين جموع الانتفاضة المتواجدين
والمتضامنين معهم للتمايز في طلب (الفدرالية) وفق الدستور كسنة، ففيه حقن الدماء
وبشكل سلمي ومعترف به حتى نتجنب الحرب التي يسعر أوارها حكومة المالكي بأمر من
إيران الشر ، وليس خوف ولا افتقار القدرة . نحن السنة لا يهمنا غياب الوعي من
كبراءنا ولا نرضى بطاعة فوق طاعة الله . نحن سنة العراق نتمنى الأقليم بقيادة
الشيخ الدكتور (طه حامد الدليمي) رئيساً ، ولا نجد اختلاف على هذا الرأي ، لذا نطالب
فضيلته بالموافقة على اختيارنا، والأمر لله من قبل ومن بعد ، وهو الحفيظ مالك
الملك المعز المذل .
الجمعة 4/1/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق