الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

خفافيش الوطنية وقرارات حيدر الاستعراضية/ الشيخ د.طه الدليمي




بقلم / الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي
****

معروف عن الخفاش أنه يرى بأذنيه لا بعينيه، وينام في النهار ويطلق زعيقه في الليل. وهو سريع المستفز وقتذاك.

وكذلك الوطنيون السنة في بلدان الشيعة!

يرون الشيعة بأعينهم وهم ماضون في مسارهم في إبادة أهلهم. لكنهم لا يرون مشاهد وشواهد مسيرة الإجرام وهي تستعرض في وضح النهار! إنما يلهثون وراء آذانهم خلف كلمة من مقتدى، ونغمة من جواد، ونأمة من كاهن النجف، وتفلة من حيدر يمسحون بها وجوههم ويقولون: بركة. وضفنة على أستاههم من بهاء، فيقهقهون بمذلة وينهقون: "لا، أكيد أنت تمزح"! وهم – إلى هذا العمى – سريعو الاستفزاز، أسرع من الخفاش "أخف من الهوا العالي" تجاه ما يسمعون، بطيئو الحركة في نهار المأساة لا يثيرهم منها شيء، أبطأ من الخفاش إذا نخسته في النهار.



جيل التيه

ما استفزني إلى كتابة هذا المقال ليس ما أطلقه شيخ المفسدين حيدر العبادي أمس من قرارات، منها إحالة المفسدين إلى القضاء، و و وغيرها؛ فإنها لا تساوي عندي عفطة عنز. ولا خفافيش الوطنية الذين صاروا يتناهقون على وسائل الإعلام مؤيدين مستبشرين. بل بعض من لازلنا نظن أن في نفوسهم بقية من رزانة ورؤية، وكان لهم تاريخ حافل بالخير أوله العلم الواسع وتعليمه والثبات على الحق والشجاعة في قوله. كتب أحدهم على صفحته في (الفيس): "حيدر العبادي: عاشت ايدك على القرارات ولكن لن أصفق لك حتى: 1. تمنع المالكي من السفر والهرب وتعتقله ليحاكم أمام محكمة عراقية نزيهة... 4. تنصف السنة بالاستجابة لمطالبم وهو أعظم القرارات... إذا فعلت ذلك فسوف أصدق قراراتك وإلا....."إ.هـ. وإلا أيش؟ أكيد قصدك لن تصفق له!

منذ مدة طويلة وصلت إلى قناعة أننا نعيش في زمن جيل التيه. ويأتي على رأس هذا الجيل في العراق معظم شيوخ الدين، لا أستثني منهم إلا – ربما - كمثل همل النعم. وأنه لا خلاص لنا إلا بالخلاص من هذا الجيل التائه العائر بين القطيعين. والآن اطمأن قلبي إلى هذه القناعة. "خلص" لا فائدة!



بين مظاهرات الشيعة واعتصام السنة

ما يهمني من الحدث الفكرة لا الحدث نفسه.

1. تظاهر الشيعة من أجل أزمة اقتصادية وخدمية. وتظاهر السنة (قبل عامين ونصف) من أجل أزمة أمنية وطائفية. والمشاكل الاقتصادية والخدمية أكثر ظهوراً للعيان من المشاكل الأمنية والطائفية. فإذا كان حجم الفساد في النوع الأول بهذا العِــظَــم والانتشار والاستشراء، فما هو الحجم الحقيقي لمأساة السنة في أمنهم ودينهم وكرامتهم؟!!

2. لم يمر على مظاهرات الشيعة أسبوع حتى استجابت لها مرجعيتهم الدينية في النجف، فخاطبت رئيس الوزراء: "اضرب المفسدين بيد من حديد". وحصلت الاستجابة فوراً وأعلن عنها بعد ثلاثة أيام فقط من ذلك. بينما استمرت مظاهرات السنة سنة كاملة، حصلت فيها مجازر وقتل واعتداء واغتيال وخطف واعتقال، ختمت بالهجوم على المنصات بالدبابات وحرق المخيمات. وانتهى خبرها ولم يستجب لشيء من حقوقهم ومطالباتهم. وظلت مرجعية النجف صامتة رغم توسلات الوطنيين الخانعة من شيوخ دين وهيأويين وبعثيين وإخوان وعشائريين، وكان مثل هؤلاء الوطنيين الخانعين الساذَجين ومثل المرجعية في صمتها وخبثها وهي تدلع لأدبارهم لسانها كمثل من قال الله تعالى فيهم: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) (الجن:6).

وظل "إخوة حارث".. (الشيعة العرب الأقحاح).. على صمتهم، بل اصطفوا مع جيشهم وحشودهم وانحازوا عياناً إلى فسطاطهم. ثم أصدرت المرجعية فتواها بتشكيل ما أسموه (الحشد الشعبي)، وهو تعبير مخفف عن (الحشد الشيعي) الذي هو بمثابة إعلان النفير العام للقضاء على ما تبقى من السنة. وهو أيضاً علامة كاشفة عن الغباء الوطني السني في تسمية حراكهم الخائب (الحراك الشعبي)، الذي عجزوا إلى حد الموات عن أن يسموه (الحراك السني)، فأعطوا الفرصة للشيعة لقتلهم وإبادتهم بعيداً عن إمكانية التهمة الطائفية. تأمل كيف يبتعد الشيعة عن الأسماء الطائفية (أنا أتكلم هنا بلغة السياسة) لكي يتم تنفيذ المؤامرة بعيداً عن التهمة المخيفة للشيعة، والتي تستفز العصب الطائفي لدى السنة في داخل العراق وخارجه فتمنحهم الفرصة للتجمع والتكاتف ضدهم. وحتى يتم التنفيذ بهدوء لا بد لهذا من أن يتكامل بابتعاد السنة عن الاسم الطائفي المقابل. فكان وطنيو السنة على استعداد تام لمنح الشيعة ما أرادوا من ذلك بكل سذاجة وكل غباء!



خفافيش الوطنية لا ترى لأنها ..... خفافيش

أيتها الخفافيش!

ألا ترون أن المسار العام للشيعة هو إبادتكم وإعلان العراق الشيعي.. عراق (أهل البيت)، الذي لا وجود لكم فيه لأنكم (لستم من أهل البيت)؟ أنتم دخلاء عليه في حساب الدخلاء حقاً طبقاً لآلية (الإسقاط)، التي تحولت لدى الشيعة إلى عقدة منذ قرون.

ثم ألا ترون أنكم بدلتم نعمة الله كفراً وأحللتم قومكم دار البوار، فاستجلبتم عليهم نقمة الجبار، ومطارق الأقدار لتنفذ فيهم (سنة التبديل)؟! ألا ترون أن السنة اليوم يعيشون تحت إجراءات هذه السنة الكونية؟

ولكن الكلام مع الخفافيش لا جدوى منه؛ لأنهم خفافيش، وهذه طبيعة الخفاش.

أنتم لا تنفعون لشيء، ولا تنتفعون بشيء. غشيت عيونكم، ووقرت أسماعكم، وأكننت قلوبكم فأنتم في ريبكم تترددون، وإلى مراثكم كل مرة تعودون. لا بآية تنتفعون ولا بعقوبة ترعوون. تباً لكم من حلس بالٍ ما عاد يصلح لشيء، ولا يصلحه من شيء! التيه في صحراء العقوبة مصيركم.. وغاية كل من سار وراءكم.

ويا أيها السنة العرب!

فاصلوا هؤلاء النوكى، وتمايزوا عن الحمقى؛ لا يُعدوكم بعلتهم، فيصيبكم ما أصابهم.

العمل بمشروع سني واضح التكوين هو حبل الخلاص. تكفيراً عن الذنب الخطير الذي سقط في حمأته آباؤنا وأجدادنا؛ حتى لا نبقى طويلاً تحت طائلة العقوبة.

وأن عسى أن نقصر من أمد التيه في صحراء الأربعين.

ـــــــــــــ

الإثنين

10/8/2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق