الثلاثاء، 26 فبراير 2013

القوات الأمنية في العراق : هل من إجراءات حاسمة لتطهيرها من الطائفية ومتعاطي المخدرات ؟




القوات الأمنية في العراق : هل من إجراءات حاسمة لتطهيرها من الطائفية ومتعاطي المخدرات ؟
بقلم /آملة البغدادية – خاص مشروع عراق الفاروق

لم يعد خافياً على العالم ما آل إليه العراق من تخريب مستمر ، ولم يعد الأمر سراً حول هيمنة منظمات متخصصة في النهب والقتل والتزوير والتجارة بكل ما هو خارج القانون من قبل الحكومات المتعاقبة بعد الغزو الآثم . لقد أدى غزو العراق ـــ جريمة العصر الكبرى ــ إلى ما يشبه (موجات ارتجاعية زلزالية) زعزعت أمن دول المنطقة كما زعزعت الأمن الداخلي ، وكان حل الجيش العراقي السابق كارثة بكل المقاييس الدولية والسياسية والإنسانية بقرار من بريمر وبنصيحة من رئيس الحزب الكردستاني (مسعود البارزاني) ، كما اعترف في تصريح نشر في وكالات الأخبار العراقية متباهياً بجرأته !. إن هذه الكارثة استغلتها الأحزاب الشيعية من محورين ؛ الأول إنشاء جيش بديل على أساس الطائفية ، والثاني القضاء على أفراد وقيادات الجيش السابق بموجب قرار المسائلة والعدالة ولجنة اجتثاث البعث ، وهذه اللجان وإجراءاتها الغائبة عن الإعلام لأنها غير عادلة ، حيث استهدفت أهل السنة بشكل خاص وبقيادة الشيعة حصراً وفق شرط الصفوي (أحمد الجلبي) منذ أن كان في لندن مع المعارضة آنذاك طوال التسعينات . لقد أحاطت بغاد بدوائر لولبية من التخريب المنظم ، فكل دائرة فساد تخص مؤسسة ما لا يتكامل عملها إلا ضمن دوائر مرتبطة بالمركز المخطط والمتمثل بالسفارة الإيرانية وجهاز (اطلاعات) ، وليس من الغريب أن يحمل النواب الشيعة للجنسية الإيرانية أو يحمل هوية عضوية لهذا الجهاز المعادي للعراق ، ولا عجب في سيطرة الحزب الحاكم (حزب الدعوة ) على أغلب المناصب في الوزارات وفي مجالس المحافظات وصولاً إلى السفارات ، فقد أعطت كلها الضوء الأخضر للقوات الأمنية الجديدة لمسخ أجهزة الداخلية والاستخبارات وباقي المؤسسات الأمنية خاصة المستحدثة منها بأسماء متعددة كحمايات للنواب أو تدخل سريع لفرق عمليات الجيش وفق الدستور الجديد . لقد أصبحت القوات الأمنية بكاملها شيعية بنسبة تتعدى 80 % وبعقيدة دينية وولاء مزدوج قابل للتفاضل لصالح إيران ، وبهذا تحولت إلى ما يشبه المرتزقة تنفذ جرائم وسطو مقابل أجور قانونية ، ووفق التركيبة الخاطئة للتربية الشيعية، فقد استغنت جميعها عن الخبرة والولاء والسمعة كشرط في الانتساب إلى شرط الطائفة والولاء الحزبي، فكلما زاد عدد ضحاياهم من أهل السنة وطائفيتهم المقيتة كلما ازدادت النقاط المؤهلة للمنتسب طردياً في قبوله ومنحه الرتبة وترفيعه فيما بعد . إن هذه الحقيقة مستنبطة من الواقع ، وبعيدة عن الأوراق المعتمدة بشكل رسمي مع أنظمة المتبعة في العالم ، ولعل من أغرب الدلائل هي احتفاليات الجيش بلطميات على أغاني طائفية وبلباس عسكري في ساحات ترفع علم إيران إلى جانب العلم العراقي كما هو موثق بالصوت والصورة في موقع اليوتيوب ، ومن أخطر الدلائل هو ضم المليشيات إلى القوات المسلحة بعد عام 2009 رغم ما ارتكبته من حملات إبادة عام 2006 و2007 على وجه الخصوص بحق أهل السنة ومساجدهم ، وكذلك من أكثر الدلائل فساداً لرأس السلطة هو مكافئة قتلة أهل السنة ومرتكبي جرائم التعذيب في السجون مما لا يخفى ولا يحصى ، فحادثة مكافئة مغتصبي الحرة (صابرين الجنابي) بترفيع رتبهم أحدها ، وقد جرت هذه الجرائم وسط صمت مخجل من قادة أهل السنة في الحكومة.
 لقد انتقلت القوات الأمنية بانحدار واضح من كونها جزء من مشكلة فقدان الأمن في الشارع العراقي إلى مشكلة قائمة بذاتها ، فلم تفلح الحكومة بكل قياداتها إخفاء تهديد سفاح حزب الله (واثق البطاط ) لأهل السنة مع الحكومة ذاتها ! . وقد زاد من هذا الانحدار انتشار المخدرات في العراق عبر الحدود الإيرانية ودوامها بإدارة رصينة خلقت مافيا خطيرة شكلت رباط آخر متين يحصن الحكومة وأحزابها الشيعية بدرع قوي يمنع أي محاولة لتهذيب هذه القوات الفاسدة ــ والكلام بالعموم وليس الشمول ــ ، ولهذا لا نعجب من رقص منتسب في أحد مناطق (الزنجيلي) في محافظة نينوى وسط الشارع ، وهو فاقد الوعي بما تعاطاه من جرعات مسخت الشارة المهيبة التي يرتديها والزي الذي يمثله ، وتباً لمن أهان العراق وجعله أضحوكة بين الأمم . ومما زاد الطين بلة ترك العراق على ما هو عليه من خراب بحصانة أمريكية تنصلت من حل المشكلة التي أوجدتها ورعتها وصمتت عنها، ولعلها مقصودة كونها صورة مشابهة لما كان يحدث في أمريكا أبان الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر .
دائرة القضاء
 لقد أصبحت القوات المسلحة بكافة أجهزتها السرية والعلنية إلى ما يشبه دولة داخل دولة يتعاون معها القضاء الفاسد الذي جعل من هذه القوات ومن القضاة فوق القانون ، وهذه الدائرة الثانية المرتبطة بدائرة الأجهزة الأمنية ليتكامل الجسد نخراً في السلطتين التشريعية والتنفيذية بكل وزاراتها غير العدلية ، ومعلوم أن رئاسة القضاء الأعلى وكل إلى القاضي (البعثي) مدحت المحمود الذي امتلك خاصية مميزة ، وهو كونه من الطائفة الشيعية (فيلي) ، فقد فرض بما لديه من سلطة مطلقة ورضا مكتب رئاسة الوزراء حصانة للقضاة والمحققين في ثكنات الجيش طاعةً لعقيدة صفوية تعجز هيئات النزاهة عن الولوج في دهاليزها رغم اتهام رئيس المحكمة والقضاء الأعلى على استحياء . كثرت الفضائح وبشهادة الكثير وبالأدلة القاطعة على حماية مرتكبي المداهمات العشوائية ، فكيف والآمر باستمرارها هو رئيس وزراء الحكومة ذاته (نوري المالكي) الطليق رغم الدعاوى عراقياً ودولياً ؟! . يقال: " إن كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهله الرقص" ، فالجرم الموثق بهذه الفضيحة لرئيس الوزراء عُرض كشريط مرئي من أحد شوارع بغداد أثناء حديثه مع نقطة تفتيش ثبت موافقة أفرادها كواجب مقدس ! . ما تزال الشكاوى ترد يومياً على الفضائيات من مناطق أهل السنة في كل محافظات العراق تشترك جميعها حول سلوكيات القوات الأمنية بمداهمات وحشية وبالضرب والتعدي على النساء ، وبإطلاق عبارات وشتائم طائفية سواء للصحابة رضوان الله عليهم أو لأهل السنة مما يعف اللسان عن ذكره ، ما أشبهها بسلطات احتلال لا سلطات دولة فعن أي ديمقراطية يتحدثون وبأي (دولة) قانون يتبجحون ؟! .

ما الحل ؟
مع تزايد حملات الاعتقالات والتعذيب والاغتصاب للنساء خاصة والفساد في السجون بابتزاز المال من ذويهم لاطلاق سراحهم ، فقد خرج مئات الآلاف من المتظاهرين إلى ساحات الاعتصام في ست محافظات من ضمنها العاصمة بغداد بعد أن صدمت الآذان باستغاثة معتقلة سابقة تروي بشاعة ما تتحمل الحرائر على يد طائفية الرافضة . خرجت الجموع في ساحات الكرامة تطالب بالإفراج عن المعتقلات والمعتقلين ــ مع المطالبة بحقوق أخرى لا تقل أهمية ـ والتي جوبهت بقتل ثمانية من المتظاهرين العزل في الفلوجة مع جرح أكثر من خمسين آخرين . لقد فوجئ الكثير من أهل السنة بعدم تقديم الجناة إلى المحاكم رغم مرور أكثر من شهر ونصف على الجريمة ، مما يعني بلا شك وجود حصانة لقتلة أهل السنة بسبب إعادة تأسيسها وفق عقيدة دينية بنيت على قتل المخالف لها، وكما نصت كتب علماءهم الإمامة بجرم أهل السنة لأنهم الجاحدون لولاية (علي بن أبي طالب) وباقي الأئمة رضي الله عنهم . لقد توضحت وظيفة الأجهزة الأمنية التي لم تحرك ساكناً بعد احتلال آبار فكة من قبل إيران أو حقول وأراضي الجنوب من قبل الكويت ، أو اعتداءات مستمرة وهجمات على القرى الشمالية من قبل تركيا ، فقد تغيرت وأصبح معنى الأمن وهدف القوات المسلحة المستحدثة هو(الثأر) سواء أكان تاريخي قديم بما جرى بين الصحابة وآل البيت ــ بغض النظر عن ضعف الروايات في كتبهم وتزوير التاريخ ــ أو حديث بسبب محاربة إيران ثمان سنوات ، فتطبيق الشعارات العقائدية ( يا ثارات الحسين ) أو (يا قائم آل البيت ) هو محور كل جهد وتحرك ، والعجب أنها ما تزال مرفوعة في شوارع العراق وخاصة في أثناء الزيارات الدينية دون أن يعترض عليها أحد بوصمها بالطائفية ! .
إن حاجة العراق إلى حل القوات الأمنية لفسادها وانتشار متعاطي المخدرات فيها أمر ملح للغاية ، ولكنه معجز يصعب تطبيقه ، بل عدم وجود من يطالب بهذا الإجراء من قبل الكتل السياسية ، إذ هم أصل المشكلة مع كون مصيرهم مرتبط بهذه التشكيلات، فما بال أهل السنة عن هذا غافلون ؟
المطلوب من أهل السنة وكل الواعين لخطورة الوضع في الشارع العراقي التقدم بإضافة مطلب رئيسي قبل إسقاط الحكومة والدستور بكونه المشرع وفق النظرية الديمقراطية التي جلبها الاستعمار والمعارضة ، وهو تفعيل إجراءات عاجلة تخص القوات الأمنية ، ثم ليكون حجة إن تم رفضه . لذا فنطالب نحن سنة العراق بضرورة:
 ــ تشكيل لجنة (دولية) لتدقيق الأسماء الوهمية التي تكبد الميزانية آلاف الدولارات كرواتب ومنح أخرى .
ـــ كما نطالب بلجنة أخرى لفحص منتسبي الأجهزة الأمنية لتطهيرها من فاقدي الأهلية وفق المعايير الدولية من شهادات دراسية غير مزورة ، وغيرها من المعايير .
ـــ نطالب بلجنة (دولية) ثالثة تحقق في ملفات المنتسبين وتورطهم في جرائم بحق الشعب العراقي ، وخاصة بحق المعتقلين .
ــ نطالب بلجنة طبية (دولية) لفحص منتسبي الأجهزة من آثار الإدمان على المخدرات .
وكنتيجة لهذه الإجراءات يفترض أن ينضم للقوات الأمنية ــ لتعويض النقص الحاصل ــ متطوعي المحافظات وبغداد ممن تتعمد الحكومة رفضهم وفق أجندتها الطائفية ، حتى يكون الحصة متوازنة إلى النصف ، وحينها سينعم العراق بالأمن وينعم شعبه بالثقة التي انعدمت طوال عشر سنوات بمن يمثل حماة الوطن ، ومع تشكيل هيئات رقابة نزيهة وعودة الانضباط إلى مفاصل الدولة الأمنية فلن يتجرأ آلاف من هؤلاء المنتسبين أن يستمروا في التهرب من وحداتهم وممارستهم عمل (سواق) الأجرة التي ابتليت بغداد بهم وبجيوبهم المملوءة بهويات حقيقة وأخرى مزيفة تحت الطلب عند أي حاجز ونقطة تفتيش ، والله المستعان . 

آملة البغدادية
الثلاثاء 26/2/2013 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق