بقلم / آملة البغدادية
وعاد الأمر إلى نصابه بإذن الله وحمده ، من ساحات الاعتصام المجاهدة وبعد أربعة أشهر على الصمود بدأت أولى الخطوط العريضة لتصلح ما أفسده الغزو الغاشم على عراق الحظارات ، فبعد أن نفذ الصبر وامتلأت السجون وخرجت صرخات الحرائر تصفع غيرة الشرفاء ، بدأت جدية المطالبة بالحقوق متوعدة ومنذرة بلا ترجي ولا استجداء من حكومة أعماها رين الآثام على القلوب فطمست بصيرتها ، وتجبَر قرارها ظلمة النفوس الممتلئة بالحقد الصفوي ، ومع ما شاب الاعتصامات من عمومية مضيعة للقضية الأساسية السنية ، ومع ما شابها من موروثات الصفح السني والأخوة التي لا تليق في أوانها ولا مكانها ولا حقيقتها، ومع نداءات لعمائم الشيعة وعوامهم وانتخائهم بآمال معلومة سرابها ، بدأت وأخيراً أولى الفقرات في الدستور السني الجديد ترسم على أرض الأحرار، ولكن ليس بريشة ناعمة ولا قلم سلس مستورد إنما بأوتاد راية موحدة غُمست بلون الدماء الغالي بعد فاجعة مجزرة أهلنا في الحويجة . كان لنا أن نُخرج القرارمن جسد امتلأ مرارة لعلاج وضع أمرَ منه حتى يستعيد الجسد عافيته ويصلح ما تم إفساده .
من ساحات العز في صلاح الدين والأنبار وبعد اليقين وبحكم الاشتباكات المتوقعة مع قوات الحقد الصفوي في كل محافظات أهل السنة في كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى والأنبار وحتى مناطق السنة في بغداد التي سالت دماءهم غزيرة عقب كل صلاة موحدة ، أعلنت ساحات القرار السني عن قناعتها بضرورة رحيل القوات العدوة وإشارةً إلى إلغاء شرعيتها ، وبهذا كانت خطوة تمهد لأخرى بإعلان تشكيل الجيش السني العراقي، والدعوة للتقدم للانضمام إليه خاصةً لمنتسبي القوات الأمنية كقادة للجيش بحكم خبرتهم المطلوبة بالضرورة ، فكانت بداية كتابة دستور جديد بحل الجيش المسخ بكل وباءه وأمراضه وعلله النفسية وسوابقه الإجرامية لتشكيل نواة جيشٍ مشرف ٍبديل ٍ بعون الله وحفظه .
تعود بي الذاكرة قبل عامين إلى الانتفاضة الأولى التي انطلقت من السليمانية ثم إلى نينوى الصامدة من ساحاتها الشريفة وخيمة الحرة العراقية يطالبون جميعاً بإخراج المعتقلين المتهمين بتهمة الزور بالإرهاب المرقم 4 ، والمكنى ربما بالأئمة الأربعة بحسب عقلية خدم إيران الصفويون الجدد . منذ ذلك الوقت كتبت مقالة بعنوان ( رسالة إلى الشعب والجيش العراقي الحر ) بتاريخ 1/3/2011 *، وقد صُدمت لمآساة استقالة العقيد السني (عبد العزيز الكبيسي) ، فبدل أن يعمل على تشكيل الجيش الحر لتحرير العراق مع النخبة التي وعت الخطر بدا مترنحاً من الضعف وقلة الحيلة ، وما زاد الهم أثقالاً أنه لم يفضح جريمة فساد ٍواحدة، وهو يعلم أنه الظهور الأخير له . كأنه لغز له مقدماته الأكثر غرابة وجنون غاب كما ظهر ، فلا منطق من خروجه إلى العلن وهو يستنجد بالشعب المنكوب من ظلم قادته ، وهم أنفسهم من ينقاد إليهم بشخص نوري المالكي الذي احتكر بالوكالة الرئاسات الثلاثة الأمنية . عندها علمت أن مصيبتنا في وهن إرادة السنة في القوات الأمنية حتى وصلت إلى عدم استطاعته خلع الرتبة إلا بمعونة ! . في تلك المقالة التي كتبتها خاص لموقع القادسية الثالثة وأمينها العام الشيخ الدكتور (طه حامد الدليمي) جزاه الله خير ، ناشدت أهلنا السنة أن لا يجعلوا محل للمقارنة بين ما يجري في العراق وما يجري في تونس ومصر وغيرها ، فشتان فلا الظلم واحد ولا الواقع ، فكيف تكون المطالب واحدة؟ ، وفي آخر سطورها وضحت أمرين لا ثالث له ، والتي أردتها ساطعة ـــ رغم نفرة الكثير منها بلا شك ــ فأما الحل العسكري أو المطالبة بالانفصال عن الشيعة وحكمها السادي المخرب ، والله المستعان .
اليوم ليس لنا ولا نجد غير استبشار بعودة القرار إلى أهله بعد سرقته عنوة ٌ وبغفلة وبتجاهل، وتخبط الكثير من أهل السنة ممن ظنوا أن لهم الحكمة والرفقة المخلصة كشركاء للديمقراطية المزعومة، ولكن نتوسم أن يكون للقرار توابعه وخطواته ضمن مشروع سياسي بوعي عقائدي تقوده السنة، لا أن تٌقاد وتجر من رقابها إلى المذابح كالنعاج ، ونتوسم لم الشمل لأهل السنة حتى لا يتصف بحروب ثأرية لها بداية ولا نهاية ، ومع هذا فعشر سنوات مريرة أجهدتنا كان الأمر فيها نضوج الهم لنضوج الفهم والحاجة للهمة ، فلا نجد إلا أن نشد على أيدي أهلنا وقادتنا في المحافظات السنية ، فلا شك في أن إعلان القائد الشيخ (سعيد اللافي) حفظه الله أن الأنبار ملاذ آمن للسنة أتى في وقته ، وهي صفعةً مدوية في وجه الخائن (سعدون الدليمي) ومن لف لفه وسار في ركبه.
لهذا نطالب نحن سنة العراق إلى عدم القبول برحيل الصفويين بل بأسرهم ومحاكمتهم في ساحات الاعتصام بعد إجراءات القضاء المتبعة في المحاكم العراقية وملاحقة من هرب منهم، وباحتضان من غلب عليه الأمر من أهل السنة كمصدر كسب قوت عياله مع من انشق منهم وبأعداد كبيرة .
نقول صبراً يا بغداد ويا أهلنا في الاعظمية المكلومة فقد طال أسر الإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه، وطال شوقنا للصلاة الموحدة مع أخواننا من المحافظات السنية هناك إن شاء الله ورضا .
*
http://aaalbaghdadya.blogspot.com/2012/06/blog-post_6935.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق