خاص / مشروع عراق الفاروق
بقلم آملة البغدادية
أما من يعتبر هذا اليوم تاريخاً أسوداً والأكثر ظلمة في بلاد الرافدين على مدى عمره الحضاري هم من وقع عليهم الاحتلال المتتابع بآخر أكثر دموية ، ورغم أن الاحتلال الأمريكي يحتفل على عادته بخطاب مخزي بحجة دعم الديمقراطية ومحاربة الإرهاب ، فلا يخلو في تعابيرهم مرارة الحرج ، فقد انسحبت فلولهم تجر عار تاريخي ألحق قواتها وهيبتها الأسطورية في القاع بلا رجعة ، ورغم أن الاحصائيات تختلف في عدد القتلى إلا أن أعداد المنتحرين والمرضى النفسيين منهم ما زالوا يبصمون شهادات الخسارة كل يوم في تعتيم نسبي فضحه الإعلام .
فقد ذكر الموقع المتخصص 'آيكاجوالتيز.أورغ' أن 4486 جنديا (أكثر من 90% منهم أميركيون) قتلوا في العراق خلال سنوات الاحتلال الثماني ، ومن المعلوم أن الاحصائية الحقيقية أكثر بأضعاف هذا العدد مما لن يعلن عنه بالطبع .
هذا الغزو الغاشم الذي ارتكبته أمريكا وبريطانيا بشكل فردي كان الدافع له هو فرية وجود أسلحة دمار شامل من الممكن أن تشكل تهديد حقيقي على الأمن الدولي وخاصة أمريكا وإسرائيل ، هذا بالرغم من حملات التفتيش المستفزة من قبل لجان التفتيش قد جالت العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه على مدى سنوات الحصار الأثني عشر ، ولم تترك مؤسسة أو موقع مشتبه به إلا وتم التحري فيه بدقة حتى وصلوا إلى درج الموظفين ومكاتبهم .
بعد هذا العدوان المخطط له خرجت قبل عام ونصف تقريباً التصريحات والتقاذف بالتهم من قبل الرئيس المجرم بوش الأبن ورئيس وزراء بريطانيا المجرم توني بلير بوجود معلومات غير دقيقة حول وجود هذه الأسلحة.
على مر السنوات العشر المدمرة لكل بنيان بشري ومعماري واقتصادي ونفسي، وبعد ضربهم العراق بشكل وحشي سافر تم تسليم العراق إلى إيران الشر العدو الأخطر للعراق والأمة ، وبعد التغاضى عن جرائم الحكومات المتعاقبة التي أوغلت في دماء أهل السنة بإطلاقها للمليشيات الصفوية بمعونة جنودها المرتزقة ، وموثقة بالآلاف وبالصوت والصورة، إضافة إلى مستندات رسمية نشرها موقع ويكليكس كعينة حول تعذيب السجناء في أبي غريب ، فلا يزال الوعي المسلم متيقناً بأنها حملات صليبية على الإسلام .
لقد انقلب السحر على الساحر فبعد أن تم إضعاف العراق وزعزعة التوازن في المنطقة ، فقد تم بالمقابل ضعف الإدارة الأمريكية في مواجهة الأخطار المتزايدة في الشرق الأوسط جراء جريمتها في العراق ، ومكتفية بالتصريحات المشجعة على الحوار السياسي بين الشركاء في العملية السياسية سواء في العراق أو في سوريا التي يتم تخريبها من قبل إيران وخدمها في المنطقة بعد أن تم تهديم البوابة الشرقية المانعة للخطر المجوسي .
يتساءل من عنده ذرة من إنسانية، بعد
أن سلمت أمريكا المتهودة العراق من دكتاتورية حزب واحد إلى دكتاتورية أحزاب
متعددة تمهد للتوسع الإيراني في المنطقة وتبث العنف والدمار في الشارع
العراقي إلى يومنا هذا ، فلا زالت أمريكا والهيئات الدولية معها تعاني
الشلل الإرادي في إصلاح الديمقراطية التي زعمت أنها رسخت دعائمها في العراق
، وما زالت مؤسساتها التي تعنى بالعدل وحقوق الإنسان تستلم آلاف الوثائق
حول السجون الصفوية وجرائم الاعدام غير القانونية بحق الأبرياء ، مع هذا
تضع تقاريرها على الرف مقابل مليارات من نفط العراق ثمن للسكوت .
يتساءل كل شريف في العراق خاصةً :
متى ومن يقدم مجرمي الغزو على العراق إلى المحاكمة ؟
متى تتم محاكمة بوش الأبن والأب ؟
ومتى يُحاكم رامسفيلد وبريمر ؟
ومتى يحاكم توني بلير وقائد قواته البريطانية في العراق ؟
أم يبقى لله تعالى الحكم والقصاص العادل في الدنيا والآخرة ببأس لا يستطيعون دفعه وتلوح بوادره النووية بما يوازي أطنان الأسلحة المنضبة باليورانيوم التي لوثت العراق وشعبه إلى ما شاء الله ، ويبقى يوم الحساب يقول الله تعالى ( وقفوهم أنهم مسئولون ) .
نسأل الله العون والنصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق