الأحد، 1 نوفمبر 2015

تفكيك إيران الخطوة الرابعة في طريق الحل/ الشيخ طه الدليمي



z3





بقلم / الشيخ د. طه الدليمي

 
في أربع مقالات سابقة(*) تكلمت عن (الخطة الاستراتيجية للتعامل مع المشكلة الطائفية الشيعية). وذكرت أن تلك الخطة تقوم على أسس أربعة، هي: 
1.    عزل الشيعة عن الحكم 
2.    عزل الشيعة عن السنة بإقليم 
3.    تسنين الشيعة
4.     تقسيم إيران 
وهذا أوان الكلام عن تقسيم - أو بالحري - (تفيك إيران).
 
أيسر الخطوات
في رأيي أن أيسر الخطوات الأربع هي تفكيك إيران إلى خمس دول على الأقل، هي: الأحواز، والبلوش، والكرد، والأذر، والفرس، وإن بدت على خلاف ذلك! غني عن القول أن (أيسر) لا يلزم منه كون الهدف يسيراً، وإنما هو يسير مقارنة بغيره.
يتصور العرب أن إيران دولة قوية متماسكة، بينما هي أبعد ما تكون عن التماسك. والرئيس العراقي صدام حسين استعجل القطاف فركز على العمل العسكري، وكان الأصوب أن يسبق العمل العسكري عمل أمني وفكري وسياسي واقتصادي، ويكون القتال جهداً احتياطياً قد لا نحتاجه، أو هو خاتمة المطاف لضرب البناء الخاوي الموشك على التداعي. قد يقال: إن إيران أعجلته عن ذلك. وأقول: صحيح، ولكن هل كان في وارده خطة طويلة الأمد لتفكيك إيران؟ بل هل في باله هذا الهدف أصلاً؟ لا أظن!
انظر إلى الفرس كيف يعتمدون النفس الطويل، ونخر العدو من الداخل، على العكس من العرب الذين يمتازون بالعجلة، والتركيز على القوة العسكرية. الفرس يركزون على (المناعة) فيضربونها، والعرب يركزون على (المنعة) فيعتمدونها. وعقلية مثل عقلية الفارق عمر بن الخطاب t أظنها نادرة بيننا على مدار التاريخ. لقد كان منزعجاً من التوسع في الفتوحات، والتوغل في بلاد فارس. لكن مجايليه كانوا يلحون عليه، فرضخ مكرها أو مسايراً لهم. وأرى أن هذا كان خطأ ستراتيجياً وقع فيه العرب إذ اجتاحوا تلك البلاد في غضون سنوات معدودات. نعم استوعبوا فارس عسكرياً، لكنهم ضاقوا بها ثقافياً. وكان لهذا آثاره الضارة في الفكر والدين والأمن والسياسة. بدأت من مقتل عمر نفسه، ثم ظهور الفكر الشعوبي، وحركة الوضع في الحديث، وعلم الكلام وتأويل الصفات، والقول بخلق القرآن، وسلسلة طويلة من المضار ما زلنا نعاني منها حتى اللحظة. وكان الصحيح هو التريث والتغلغل شيئاً فشيئاً. فكما أن تثبيت حركة الفتح في حاجة إلى حامية عسكرية، فهو في حاجة أشد إلى (حامية ثقافية) واستيعاب ديني واجتماعي حقيقي لا مظهري. وهذه قضية فكرية تاريخية لا تنال من عظمة ذلك الجيل الدينية والحضارية.  
 
ضعف المرتكز القومي لدولة إيران أساس استراتيجية تفكيكها


النظر إلى الجغرافيا ضرورة من ضرورات السياسة. فماذا تقول جغرافية إيران؟
تتكون دولة إيران من أكثر من خمس عناصر قومية أهمها: الفرس، الكرد، الأذر، العرب، البلوش، التركمان. وعند مقارنة نسبة الفرس إلى النسبة الكلية لبقية القوميات يظهر الخلل في مرتكز الدولة التي يقوم عليه بناؤها، ويتبين أن إيران دولة مصطنعة؛ فالفرس يشكلون أقلية قد لا تصل إلى 35% من مجموع السكان. وحسب الأرقام الرسمية يشكل الفرس 51%! وهي نسبة غير حقيقية، المقصود منها إعطاء فكرة وهمية عن أن الفرس هم أغلبية السكان فلهم الحق في حكم الدولة. ومن عرف مدى تمكن خليقة الكذب عند الفرس تيقن من بطلان هذه النسبة، وعرف أيضاً أن نسبة الفرس أقل من ذلك بكثير؛ فلو كانت النسبة تعينهم لما اكتفوا بهذا الرقم المفضوح. هذا وفي الفرس سنة، وهذا يعيننا كثيراً في مشروع التفكيك.
شيء آخر هو أن الفرس لا يكاد يكون لهم امتداد خارج حدود إيران، بخلاف بقية القوميات. وهذا عامل ضعف آخر يكشف عن اصطناعية الكيان السياسي للدولة. أضف إلى ذلك عوامل أخرى مهمة منها العامل الاقتصادي. يكفي أن تعلم أن النفط الإيراني أكثر من 90% منه في الأحواز، وأنابيب التصدير عبر الخليج العربي تمر من خلالها!
 
القوميات الإيرانية جاهزة للانفصال


تعيش الشعوب الإيرانية حالة مأساوية من الاضطهاد العرقي والثقافي والاقتصدي، وتعاني من الظلم بشتى أنواعه وأشكاله. وهي تتململ وتثور في كل مرة للخلاص من قبضة الفرس الظالمة. لقد ثار العرب في الأحواز مرات منذ الاحتلال الفارسي لها سنة 1924 وحتى اليوم، وكذلك الكرد غربي إيران، الذين نجحوا سنة 1946 في إقامة دولة لهم باسم (جمهورية مهاباد). وشهد العام نفسه محاولات جادة من الأذريين لإيجاد جمهورية مستقلة شمالي إيران. والبلوش أيضاً، وهم الآن في حالة حرب مع دولة فارس.
اعتماد مبدأ (الهجوم خير وسيلة للدفاع) يستلزم ضرورة التحرك الجاد لنصرة هذه الشعوب للخلاص من القبضة الفارسية، وسيفكك الكيان المصطنع لهذه الدولة الشيطانية. بدلاً من لزوم حالة الدفاع والاكتفاء بتلقي الضربات. 
وسيرى العالم لأول مرة زوال دولة إيران من الخريطة، وبروز خمس دول جديدة على أنقاضها.
 z3إن الأمن العربي مهدد بالدرجة الأولى والأكبر: خارجياً من إيران، وداخلياً من الشيعة. وهذه الخطة الرباعية كفيلة بعون الله بخفض الخطر الفارسي والشيعي كليهما إلى درجة يمكن السيطرة عليه تماماً. 
بعد التفكيك هناك خطوات لاحقة لا بد منها، ولكل حادث حديث. مثلاً: الخريطة الجغرافية تبين أن العراق وأفغانستان كل واحد منهما هو الحزام الأمني للآخر. وبهما يكون الفرس بين فكي كماشة؛ وهذا يستلزم علاقات بينية متينة وإجراءات أمنية وسياسية وغيرها تكفل بقاء الفرس تحت دائرة النظر والسيطرة. هل أدركنا الآن لم استدرجت إيران حمير الأمريكان لإسقاط كابل وبغداد قبل التحرك الأخير لإقامة إمبراطوريتها المنشودة!
إن هذه الخطوة التاريخية لضرب الفرس في عقر دارهم وكيانهم، مع الاستفادة من كل تجارب التاريخ، ومعطيات العلم في النفس والاجتماع والأمن والسياسة والعسكرية، وعدم تعجل القطاف.. باتت ضرورة للخلاص من الصداع المزمن لشعوب المنطقة. كما أنه سيقطع الطريق على التآمر الغربي ضد هذه الشعوب، ومشروعه القائم أصلاً على التحالف مع التآمر الشرقي. إن إزالة إيران من الخريطة كفيل بالأمرين معاً.
لا يفتّـنَّ في عضدك أن هذا العمل غير مسبوق تاريخياً؛ فليس ذلك من شرط حركة التاريخ. إن الأخطار الكبيرة في حاجة إلى استراتيجيات عظيمة. والاستراتيجيات العظيمة في حاجة إلى أفكار بمستوى حجمها، وقادة على قدر التحدي. ونحن لها إن شاء الله.   
 
31/10/2015
 
(*) لمتابعة المقالات الخاصة بالموضوع:
 
الشيعة والسنة، المشكلة.. والحل
 
عزل الشيعة عن السنة الخطوة الثانية في طريق الحل
 
معالم مهمة في طريق تسنين الشيعة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق