الاثنين، 9 نوفمبر 2015

المدينة البديلة أم إخلاء أهالي الرمادي إلى معسكرات الأسر ؟



خاص / موقع القادسية الثالثة
بقلم/آملة البغدادية

لم تتوقف حملات استهداف أهل السنة منذ الغزو عام 2003 ، وطوال الأعوام الأثني عشر تنوعت أساليب الحكومة الشيعية ، والتي تفردت بالسلطة والقرار بإمرة ملالي قم وقيادة حرسها الثوري لعمليات القوات الأمنية بحجة طرد داعش من المحافظات السنية .
ها هي محافظة الأنبار كبرى محافظات العراق ومركز القوى السنية تشهد المرحلة الأخيرة لتحويلها إلى أطلال من جراء الضربات الجوية لقوات التحالف، مع همجية القصف الصفوي للحشد الحاقد على السنة بعقيدة صفوية متوارثة .
أما الأهالي فباتوا في فكي الطحن والنزوح من قبل المليشيات بهيئتها العسكرية وبين سكين داعش ، حتى بات السني في بلوى لا يأمن على نفسه ولا أهله في بلد يدعي إعلامه التحرير، بينما هو محتل من قبل إيران وأمريكا التي حولته لساحة حرب بكل مخلفاتها الخطيرة .

قبل أسبوع، عمدت القوات الأمنية وطيرانها الحربي على إلقاء المنشورات على مناطق الرمادي تأمر من بقي بالإخلاء ، وهكذا دون تحضيرات مسبقة لاستقبالهم وإيواءهم لتعينهم على ديمومة العيش من طعام وتعليم لأبناءهم ريثما تنتهي (عمليات التطهير) المزعومة ، فلا وفرت الخيم البائسة والتي يُفترض أن تستبدل بمساكن تليق بالبشر في شتاء يشهد موجات تقلبية عاصفة بسيول الأمطار .
أما ما تم نشره بالنص من قبل خلية الإعلام الحربي، فيبين بوضوح حجم الاستهانة بالمكون السني بإلقاء مسئوليتهم على من لا يقوى على تحمل مسئولية نفسه فضلاً عن مسئولية محافظة تعدادها مليون ونصف نسمة، هذا عدا التقصير في توفير المبالغ الخاصة بالنازحين، والتي بلغت في ميزانية الحكم الناهب بالمليارات، ففي بيان تلقت (المدى برس) نسخة منه، "بعد نداءات قيادة العمليات المشتركة للمواطنين في محافظة الانبار، بإخلاء مركز مدينة الرمادي، لجأت أكثر من 60 عائلة من مناطق مختلفة من المحافظة باتجاه قطعاتنا في المحافظة". واضافت الخلية في بيانها ان "قوات الجيش العراقي، استقبلت تلك العوائل الانبارية"، مبينة انه " تم نقلهم الى مدينة الحبانية لتسليمهم إلى محافظ الانبار".  !! .
 ترى هل تخيلوا المتخاذل المفتقر لأدنى مقومات السياسة والقرار بأنه أحد مقرات ومعسكرات الصليب الأحمر أو WFP منظمة الغذاء العالمي ! ؟

لقد تكررت نداءات الإخلاء بسبب العمليات القتالية في قلب الرمادي لأكثر من مرة فمنها ما كان في تموز الماضي، ومنها في مايس ، ومنذ ذاك الحين لم نسمع بتوفير أي مجمع لأيواء النازحين ، بل بدلاً من هذا صارت أخبار معابر الموت في بزيبز والرزازة عنوان الاستهداف الشيعي لإبادة أهل السنة ، فمن شهود وضحايا كان الحقد الشيعي في أوجه بحملات اعتقال متكررة للنازحين ، آخرها يوم الخميس الماضي ، فقد شنت القوات الحكومية المليشياوية حملة اعتقالات واسعة استهدفت النازحين في قضاء ابو غريب غرب العاصمة بغداد، وبطرق متعددة كانت محاولات الحصار مع النهب لأموالهم عبر منع مرور رواتب الموظفين تعكس النهج العقائدي لحكم يدعي المظلومية مع الديمقراطية والاستقرار والسيادة وباقي هرطقات الكذب الشيعي ، فقد وصلت الخسة بابتزاز أحد المعلمات أما بتسليمها رواتب المعلمات التي تحاول توصيلها من بغداد، أو منع مرورها من قبل أحد أفراد نقاط التفتيش على معبر بزيبز . 





ما تشهده الأنبار والرمادي ــ كأحد المدن المنكوبة غير المعلنة ــ هو تحويلها إلى أطلال بحجة التحرير رغم الإهمال المتعمد لتعميرها جراء العمليات العسكرية عند الغزو الذي بقيت شاخصة آثاره على الكثير من أبنيتها ، أما عن المدى الزمني لعمليات التحرير فقد تعددت التصريحات ، وتبين أنها كلها مجرد رفع معنويات للحشد المجرم باعتراف أمريكا وقادتها بأن محاربة داعش تتطلب وقتاً أكثر من المعلن عنه يصل إلى سنوات . وقد شهدت عمليات التحرير المزعومة وقف لأسباب عديدة منها مرتين في أسبوع واحد في الرمادي وحدها مع وضوح الخلافات في القرار العسكري، فقد تم معاودة الضربات بعد يومين فقط من وقفها، قال قائد عمليات المحافظة اللواء الركن اسماعيل المحلاوي في تصريح صحفي ، ان "معارك السيطرة على مدينة الرمادي توقفت بسبب الظروف الجوية وسقوط كميات من الامطار منذ منتصف مساء امس على مناطق الرمادي والانبار". في حين ابلغ ضابط في قيادة العمليات شفق نيوز، بأنه بسبب الظروف الجوية "السيئة" إضافة الى انفجار عشرات العبوات الناسفة المزروعة والبيوت التي فخخها التنظيم بالمدينة تقرر إيقاف العمليات العسكرية بشكل مؤقت لحين تحسن الظروف الجوية.


المدينة البديلة المفقودة

إن من العار أن يبقى الوزير (السني بورقة الهوية) خالد العبيدي في صف المشروع الإيراني الصفوي كونه أحد أذرع إبادة السنة ، ويبقى تساؤلات الشارع السني حول تردده المستمر على أوكار المرجعية الإجرامية ورموز مليشياتها بما لم يعد خافياً ، فلا هو  أوقف استهداف العوائل الآمنة ، ولا استطاع إقناع التحالف الآثم على توفير مدينة بديلة لآلاف النازحين كجزء من التمويل الحربي الذي يُفترض أن يكون من أجل سكان المحافظات التي تشهد الصراع الدموي . بل أن العدد تجاوز المليون وربع سني نازح بحسب تصريحات رئيس الوقف السني (عبد اللطيف هميم ) اليوم ، والذي نادى عبر شاشة (قناة العربية) بتظافر الجهود الدولية لإغاثة النازحين ،وبالرغم من أن العدد الحقيقي أكبر بكثير فإن هذه أحدى مصائب أهل السنة كون من يتزعم الهيئات أصبح في خانة الحسابات التجارية ، فالهميم لم يخرج بأي تصريح رفض أو حل جذري ، أو قام بضغط عبر ثقله المزعوم أمام الحكومة لوقف تهديم المساجد في المحافظات المحررة بزعمهم، ومما يفضي على الأقل بإعمار الجوامع المهدمة ، فمدينة بيجي وجامع الفتاح شاهد على التخريب الشيعي من قبل الحشد ، ويبقى التخريب للمتلكات أهل السنة والنهب المستمر مع حرق المزارع سمة مشروع الأرض المحروقة ،
 فعن أي تحرير يتكلمون ؟ بل هو تخريب متعمد وأطلال مشروعة ضمن نواميس الحكومة والقوى العالمية .

السؤال الذي لم يعد يحيرنا نحن أهل السنة : لماذا لم تعاد العوائل إلى تكريت ونواحي صلاح الدين كالعلم ويثرب وغيرها ؟ 
والمهم ، لماذا لا تكون نقطة تحول سكانية مرحلية ريثما يتم تحرير الرمادي ؟ ، ولو كانت الحكومة جادة في إغاثة النازحين لما احتاجت للخيم وأزمات معبر بزيبز التي لا تنتهي. لو كانت هذه الحكومة الشيعية جادة في محاربة الإرهاب لمنعت تهديم البيوت والجوامع ونهب الممتلكات الحكومية ، ومنها مؤخراً مصفى بيجي النفطي من قبل الحشد ، والمصيبة أن لا يوجد نائب سني واحد قدم مشروع المدينة البديلة للنازحين ، والأدهى أن هناك دراسة وموافقة لجعل الحبانية نقطة تجمع للنازحين ، بينما تعتبر فاشلة جغرافياً لقربها من المعارك ومديات القذائف والصواريخ التي طالتها أكثر من مرة، ناهيك عن محاولات اختراقها من قبل التنظيم .

إن الغرابة في اختيار الحبانية تحديداً رغم أنها تحوي على قاعدة عسكرية ومطار عسكري تم استخدامها مراراً من قبل وزير الدفاع ، وكذلك القوات الأمريكية معاً كونها معسكر تدريب للصحوات . أليس هذا يعني أنها معسكر أسرى ؟ فهذه الصورة هي الأقرب منذ الحرب العالمية وما جرى فيها من معسكرات الأيواء النازية . إنه الحصار المتعمد للنازحين لا غير ، خاصة بوجود طرق جمع المعلومات لغرض تصفيتهم كما يجري وسيجري لاحقاً ، والدليل تصريحات حكومية بإسكان النازحين في الحبانية بعد تقديم المعلومات الخاصة بهم إلى لجنة مختصة ، وهذا يعني تهيئة طرق جديدة للتصفية عبر تعداد سكاني دقيق لمن بقي .  
أما المهزلة التي فاقت الحد ، هو أن الحبانية كانت وجهة إعلامية لا غير من قبل نواب النهب المنظم باسم إغاثة النازحين ، فقد أعلن رئيس لجنة الإعمار في مجلس الأنبار أركان خلف الطرموز بالنيابة عن قرار مجلس محافظة الأنبار بإنشاء 2400 وحدة سكنية لإعادة النازحين والمهجرين إلى المحافظة، خاصة الذين يسكنون إقليم كردستان، مبينا أن المشروع أحيل إلى إحدى الشركات المحلية بمبلغ 106 مليارات دينار وسينفذ في منطقة الحبانية خلال ثلاثة أشهر ، هذا نقلاً من مواقع أخبارية بتاريخ كانون الأول 2014 أي قبل عام كامل ، والوحدات السكانية هي بدل الكرفانات التي تتعرض للتلف بحسب قول الطرموز ، بينما أعلن قبل 3 أشهر بنصب الخيم والكرفانات بعدد 7 آلاف كرفان في الحبانية ذاتها ، وكلها بمبالغ طائلة بلا شك، ولا حسابة بتحسب بل جيوب تنهب !

والحاصل من كل ما سبق ، ان لا وقف لعمليات التخريب المتعمدة لمدن أهل السنة وجوامعها ، ولا مجمعات سكنية للنازحين ، ولا وقف استهدافهم ، ولا إجراءات جادة لديمومة الحياة اللائقة صحياً وتعليمياً ، ولا مستقبل للتعويض ، بل تكرار لمنع النازحين من العودة لمدنهم المحررة رغم النداءات لأكثر من عام ، فهل مشروع التقسيم هو خيانة وعمالة ؟ أم الفدرالية والأقاليم السنية مشاريع طائفية ؟
 أم أن إطالة عمر الذل والخنوع تحت الحكم الشيعي هو الحل باسم العراق الجامع ؟
والجواب يحكيه الواقع الدامي لا الحلم بالماضي .
أفيدونا يا علماء ومثقفي السنة إلى متى الجهل ؟ وإلى متى السحل يا ممثلي السنة في مجلس الدواب ؟

ما حيرني بالفعل عدم استغلال الحدث واستعمال الورقة السنية كسلاح بدلاُ من سندان الانبطاح، فما يجري في سوريا دليل على مماطلة للابقاء على حكم الطائفية الصفوية لإبادة أهل السنة العنصر المرعب لتحرير القدس رغم المؤتمرات مع المعارضة ، والواقع هو التخريب المستمر ، فهل أعدمت القريحة الوطنية السنية من فرض إقامة المدينة البديلة للنازحين بعد إعمار المحررة أولاً كشرط ؟ ، أي قبل الشروع في تحشيد الصحوات بأسم الحرس الوطني والشعبي ضمن مكافحة الإرهاب ، وهذا ما يمكّن من ناحية أخرى أهل السنة من التحكم بمشروع الإغاثة وملياراته المجموعة من الخارج . إنه اختبار أخير للحكم الشيعي بعيداً عن مؤتمرات التقية ، وهو اختبار لواشنطن حول جدية مقترحهم لإقامة الأقليم السني مقابل طرد داعش قبل أشهر ، ولا يخفى أنه حل مرفق بخيارات حاسمة مشروعة كحل لقضية أهل السنة عند الرفض . والله المستعان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق