خاص/ مشروع عراق الفاروق
بقلم/آملة البغدادية
استنكر المجتمع العراقي والسني في غالبيته خاصة من قرارات الدولة الإسلامية بتهجير النصارى خلافاً لما عليه الدين الإسلامي كونهم أهل ذمة ، وما تعارف عليه الصحابة من عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنه خاصةً ، ومما لحقها من قرارات أخرى باستحصال الجزية في وقت لم يستتب أمر الحكم ولا وضعت الحرب أوزارها بعد . فقد تفاقم الأمر في نشوء نزاع جدلي بين مناصري الدولة ومعارضيي سياساتها في كون هذه الحوادث ملفقة أو حقيقية ، وهنا تكمن الحلقة الأهم والأخطر والتي تعتبر بداية سيناريو سوريا لو لم يتم التدارك .
بعد تصدر تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) لعمليات غير مسبوقة في الموصل يوم 10/6 ، والتي فاجأت العالم خاصة الشعب العراقي في سرعة التمكن من المحافظة خلال ساعات معدودة ، جعل التنظيم يقفز بشكل كبير إلى مساحات القبول والثناء والتضامن على غير عادة ، فقد كان لتاريخ هذا التنظيم المنشق من تنظيم القاعدة في سوريا وما جرى مع جبهة النصرة ــ الفصيل المجاهد الذي كبد النظام النصيري خسارات كبرى ــ صفحات سلبية من استهداف القادة المجاهدين وهجمات سنية سنية مفجعة أدت إلى تباطأ تحرير دمشق وعززت من ثبات النظام وتمديد حياته. إن هذا التاريخ السلبي في سوريا الشقيقة المبتلاة بنظام خادم لإيران منبطح لإسرائيل لا يمكن أن يمحى من الذاكرة في يوم أو شهر أو عام ، والغريب أن ما يسمى (داعش) كمختصر لإعلان الدولة وخليفتهم أبي بكر البغدادي قد ظهر في جامع النوري في الموصل معلناً خلافته في بيعة شكلية لم يُفهم منها غير تثبيت حدود، ورسالة لباقي الفصائل الجهادية في العراق كإجراء ناتج من تصحيح الأخطاء السورية ربما في نظر الدولة وولايتها العراقية . إن ما يدعو للريبة هو إقدام داعش على تفجير مرقد النبي يونس عليه السلام في الموصل في حين لم تخفت فيه أصوات السخط الداخلي والدولي حول تهجير النصارى وما له من احتمالات خطيرة لتحرك دولي يسعى لتنفيذه أعداء العراق بحجة القضاء على الإرهاب منذ انطلاق الاعتصامات في المحافظات الست المنتفضة السنية . من الغريب أن تتخذ الهجمات طريقاً معكوساً إلى الشمال بدل الجنوب باتجاه بغداد النقطة الفاصلة والحاسمة والقاضية لنظام الملالي في العراق ، فقد حصلت هجمات على قوات كردية من البيش مركه في المناطق المتنازع عليها مما جعل الجبهات تتشعب والجهود تتفرق عن هدفها الذي بات لا يحتمل التأخير ، فقد استغلت المليشيات هذا التباطيءلاستهداف سنة بغداد بشكل مكثف وصل إلى البصرة وسنتها وجوامعها وأئمتها الواقعين في كماشة المليشيات في ظل صمت العرب وانشغالهم في أحداث غزة .
إن ما لا يسعه عقل أن يكون الحزم في تطبيق الشرع غير مدروس العواقب في خضم العمليات الجهادية التي تحتاج لحاضنة شعبية تعتبر الحزام الواق لأي تنظيم جهادي على الأرض ، في حين يكافح المكون السني للملمة صفوفه العسكرية والشعبية بغية اعتراف دولي قبيل الإطاحة بنظام الملالي بنظام آخر يتحرر من القبضة الإيرانية وإن كان هذا في حيز البيانات والمؤتمرات المحفوفة بأخطاء وتجاوزات حرجة .
لقد عانى العراق من فوضى الغزو وكسر البوابة الشرقية التي كانت حامية المنطقة والخليج دونما عون ولا تبني مفروض، وقد فاقم الوضع أن بات العراق ساحة لاصطدام المعسكرات والمصالح الكبرى والصغرى على مدى 11 عاماً كان حطبها الشعب لا غير، وهذا الأمر الذي يتساءل عنه أهل السنة في العراق المستهدفون والمبعدون عن الحكم الفعلي حول غياب (صلاح الدين) عن واقع الحدث، في حين أن عناصر القوة متوفرة عقيدة وأفراد بإذن الله . نقول أن استهداف مرقد النبي يونس عليه السلام في حقيقته لا يشكل مصلحة لأحد بل بات حلقة من سلسلة يُخشى تلاحقها تعيد نفور أهل السنة وعامتها، والتي لا يعنيها أجندات وتوافقات وتغيرات ومشاجرات وبيانات جهادية بقدر النهوض في صباح جديد آمن عقيدة ووجود ولقمة متوفرة بعدل وخدمات واجبة من قبل الولاة ، والغريب أن يكون تجاهل اعتراضات أهالي الموصل حين صدحت جوامعها بالتكبير اعتراضاً وتريثاُ لفعل خطير كما صرح بهذا إمام المسجد الشيح محمد الصواف ، والمستنكر هذا التجاهل لسنة العراق وعدم الرغبة في كسبهم كخطوة أولى كحسن النية بعدما شهدته الموصل من أمان وسماح لشبابها بمتابعة مباريات كرة القدم والجلوس في المقاهي سرعان ما تبددت في أنباء ترد من غرب الأنبار ، وكأن هناك تغيير مقصود لا يبالي بالماضي ، فمع هجمات عديدة في العراق خاصة ما حدث من تحرير سجناء أبي غريب وتبعاته الأليمة من استهداف واعتقال أهل السنة دونما أن يكون هناك عمليات متزامنة مدروسة لباقي السجون أو فتح جبهات مع القوات المسلحة داخل بغداد، قد أججت روح السخط من خطط تنظيم القاعدة التي تتم الاستفادة منها من قبل الحكومة الصفوية لا المواطن المستضعف . إن هذه التساؤلات منطقية حينما تهمل العمليات الكبرى مشروع تحرير مدروس بزمن مفروض قياسي استغلالاً للصدمة التي سمرت الحكومة وأربكت قراراتها ، وغيرها من العمليات والتفجيرات التي طالت الأسواق والمدارس بعيداً عن كبار الصفوية وعملاءها في الحكومة قد طبع في أذهان أهل السنة توافق عجيب بين التنظيم وإيران ، ومما زاد في الطين بلة نشر الرسالة المتضمنة توصية الظواهري لتجنب استهداف رموز إيران وأذنابها ومصالحها في العراق، ومن جهة أخرى استهداف السنة الصحوة وقتل من يحكم عليهم بالردة بنهج تكفيري لا حدود يعرفها أضرت في القبول ، ومع التسليم بحقيقة ضرر هؤلاء خاصة في عونهم للمالكي في حربهم الصفوية المقدسة في الأنبار . ما الذي يمكن أن يُفهم بجمع كل هذه الدلالات ؟
السؤال الآن : هل أجندة داعش تحرير العراق أم قيام ولاية داعش في الموصل؟
والجواب تعلن عنه الأيام القادمة، هذا إن لم تُستفز باقي الفصائل لنزاع مماثل كارثي على أهل السنة كما حصل في سوريا مع جبهة النصرة فحينها لا يبر حال ولا عذر يقال، والكلام مع الغيرة العراقية السنية أن تعي اختيار الجهاد مع الأصلح لا الأسرع في الميدان ولا الأجوف من حيث الهوية، وعلى أفراد داعش ان تعي الحدث والمستفيد وتطالب بالمصلحة، كما على قياداتها أن تتذكر صلابة سنة العراق ورمحها الباقي في الأرض وخطورة التكالب الدولي الذي بات على شفير ، والله المستعان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق