بقلم/آملة البغدادية
لقد أصبح من الواضح أن تقدم الثوار في كل المحافظات غلب ضربات التحالف مع حقيقة التضحيات الجسيمة والخسائر الكبيرة في أرواح المدنيين، وكما في البنى التحتية التي دُمرت بنفس طائفي عقائدي واضح ، وبالدليل الموثق بالصوت والصورة والوثائق عند اطلاق الشيعة لراياتهم وقذائفهم ولافتات نعيهم لقتلاهم.
إن الأمر المهم هنا أن ساسة الحكومة ومن ضمنهم الساسة السنة قد ضاقوا ذرعاً بالتقية الفاشلة التي يتبعوها (هم) أمام السلطة الشيعية الحاكمة بفرية الدفاع عن الوطن والشراكة ، فقد أصبح الفجر يكشف عن تخريب هائل في المحافظات السنية دون أن تلقى الدعم من الحكومة مادياً وبشرياً ،حيث وعدت الحكومة بالموافقة على تشكيل (الحرس الوطني) في المحافظات المنتفضة أي السنية ، وما نشهده في الواقع أن هذا حبر على خيال وليس ورق بعد ، وما حصل أن الحكم الشيعي قد حصر التسلح والتمويل للمكون الشيعي مع انضمام كامل للقوات النظامية ، عدا أن هذا المكون قد كشر عن أنيابه بمعركتهم المقدسة كما يسموها ، فقد ارتكبوا الفضائع من خطف وقتل لأبناء السنة الوافدين إلى بغداد ، كما قامت محافظة كربلاء بمنع النازحين من العبور إليها من قضاء النخيب المجاور ، وفضلاَ عن هذا لم تُعتبر مناطق النزاع اليومي مناطق منكوبة خاصة (الرمادي) ، والتي أحالها الحقد الشيعي إلى أطلال، ووصم أهلها بوصم (إرهابيون) بحكم العقيدة الشيعية المجوسية التي طالت مساجدها ومدارسها ومشفاها .
لقد أصبح ساسة الأنبار على يقين من خسارة الأنبار ، وأصبحوا على يقين أن بغداد باتت على المحك بالنسبة للعمليات المتصاعدة للثوار بعد قتل مدير الشرطة الجديد في أأمن منطقة في الأنبار بالنسبة لهم . واليوم وصلت الشجاعة السياسية لمجلس محافظة الأنبار أن تستعمل سلاح (وإلا) الذي غاب عن الأذهان طوال 11 عاماً أمام الطغيان الشيعي الكافر! . واليوم تشهد الحنكة السياسية تطوراً مفرحاً بصيغة التهديد والوعيد بالانسحاب من المنصب كمجلس الأنبار بالكامل مع حماياتهم ومقراتهم للثوار إن لم تتقدم عمليات الحلف بصورة فعلية مؤثرة على الأرض ، فقد قال النائب فالح العيساوي في خبر نُشر في شبكة حراك بعنوان (( مجلس الأنبار يهدد بالإنسحاب من القتال إذا لم تستجب الحكومة لشروطه): على أن “الوفد الانباري سيقدم ورقة شروط للعبادي والأميركيين، إذا تمت الموافقة عليها سيتابعون القتال ضد داعش، وبعكسه سيعلنون انسحابهم وترك الحكومة العراقية تقاتل وحدها كونها دارت ظهرها للمحافظة بالكامل”، لافتاً إلى أن تلك “الشروط تتضمن فتح قيادة عمليات مشتركة في الأنبار يشارك فيها الجانب الأميركي، وإرسال طائرات الاباتشي في قاعدتي الحبانية والبغدادي مع تقديم دعم جوي مكثف تمهيداً لدخول قوات برية دولية”. وبشأن ما أشيع عن محاصرة 100 جندي، ذكر العيساوي، أن هناك “أكثر من 100 جندي محاصر في ناحية الفرات التابعة لمدينة الرمادي حتى الآن ولا يمكن الوصول إليهم”.أهــ ، * !!! وهذا مبلغهم من العلم !
إن ما ينشره الإعلام الموجه ضد أهل السنة وثورتهم التحررية من عملاء إيران وأمريكا لم يعد قادراً على تشويه الواقع ، ففي نفس الصفحة للخبر أعلاه نقرأ اعتراف وزير خارجية أمريكا (جون كيري) بأن (على العراقيين أن يقاتلوا لاستعادة الأنبار) ، والذي يدل بوضوح على فشل الضربات الجوية للتحالف الذي شاركت فيه عملاء العرب بقواعدهم وأموالهم وطياريهم بحجة مكافحة الإرهاب ، وما تفعله هو حماية عروشها فقط من الاستياء الشعبي الكبير على تخاذلها المزمن إزاء واجباتها الشرعية والعرفية منذ احتلال فلسطين حتى هيمنة شيعة إيران على لبنان والنصيرية على الشعب السوري السني بالنار والحديد بعد غزو العراق الجائر بنفس التحالف الآثم القديم .
من المؤسف أننا لم نشهد أي تهديد ــ أو مساومة بلفظ دبلوماسي ــ طوال 11 عاماً من الاستهداف الممنهج لخيرة الرجال، ومن التهميش الواضح في القوات الأمنية بالنسبة لشباب المحافظة ، وحتى للصحوات أسوة بالمليشيات الشيعية، ولم نشهد أي قرار جريء يوقف الاعتقال بحق أئمة المساجد على قائمة الاستهداف السني، وإزاء الاغتصاب في السجون للمعتقلات بصورة خاصة ، وطوال عام كامل من الاعتصام في ساحات التظاهر (ساحة العز والكرامة ) ببنود الحق الضائع حتى استحالت إلى مطلب واحد هو (انسحاب الجيش ) !.ومن أكثر الأمور التي تحز في القلب أن اهملت مجالس المحافظات مشروع مسك القرار بصورة سلمية أو حربية أزاء الإبادة والتهميش الشيعي ، فلا مطالبة وتفعيل الأقاليم ولا طرد القوات بعمل عسكري وإعلان انفصال ، ولا رفع المظلومية للمحافل الدولية ، وإنما بقيت الأمور بحالة الدفاع عن النفس فحسب وسط تأرجح الولاء، حتى بات خيانة وعمالة لحكومة إيران في العراق تعلن عن حالها بصوت عالي أن الحزب الإسلامي فاشل بجدارة، رغم أنه حزب مخضرم كما يقال في المنطقة ويا للعجب .
أن الصوت الواصل هو : أن جميع ساسة السنة كالرجل غير المناسب في المكان المناسب، ولهذه الخاصية الفريدة لا يستحب استبدالهم ، وتماماً كما وجدنا منصب رئيس البرلمان للرجل الهش الأكثر فشلاً (سليم الجبوري) ، والذي خرج بخطاب البارحة وهو يخطب ود الحزاب الشيعية بإلقاء كلمته لوزير الدفاع السني الجديد بضرورة القضاء على الإرهاب ! ويقصد لا تحارب المليشيات، وعلى هذا المنوال الفاسد يبقى الرد والقرار بيد الأحزاب الشيعية التي يعتمد على نظرتها لثقل السياسي ومعياره المعلوم سلفاً ، والحليم تكفيه الإشارة عندما تكون المقارنة مع الرجل السني صاحب المواقف الجريئة التركي (رجب طيب أردوغان) رئيس وزراء تركيا الرافضة للتحالف الغربي (إلا) بعد تحقيق مطالبه الأربعة التي وجهها للأمريكا أزاء نظام الأسد المجرم وضرورة استهداف قواته مع تسليح المعارضة من بين مطالبات أخرى قبل الاشتراك في التحالف ، أيهما يملك الثقل المهدد يا أراجوزات المحافظات السنية ؟ .
إن من أكثر الأمور التي أعطت الضوء الأخضر للحقد الصفوي هو السكوت أزاء استهداف واعتقال النائب (احمد العلواني) واغتيال أخيه بخلاف القانون، ثم حرق الخيام مع قتل المتظاهرين في الفلوجة أمام مرأى الفضائيات، هذا في الأنبار وحدها عدا مجازر الحويجة وسارية ديالى وما يجري في البصرة .
نعم أنه ضعف الساسة السنة وجهل كبار العلماء ورجال الدين بالسياسة مع المراوغة بحقيقة الصدام العقائدي الواقع في العراق ، وكل ما طفح على السطح هو فرية (اخوان سنة شيعة وهذا بالبلد ما انبيعه) .
ما ضرهم لو رضوا بالأقليم ما دام لا يعارض الشرع؟
نعم أنه ضعف الساسة السنة وجهل كبار العلماء ورجال الدين بالسياسة مع المراوغة بحقيقة الصدام العقائدي الواقع في العراق ، وكل ما طفح على السطح هو فرية (اخوان سنة شيعة وهذا بالبلد ما انبيعه) .
ما ضرهم لو رضوا بالأقليم ما دام لا يعارض الشرع؟
أما كان أفضل بكثير من التدمير الكامل على مدى عام تقريباً دون أن تحرز قيادة عمليات الأنبار ومجلس المحافظة السيطرة أو تشهد استقراراً المحافظة في أي مجال ، خاصةً أن الهجرة الكبيرة التي تشهدها الأنبار وحدها لسكانها البالغ عددهم أكثر من مليون ونصف نسمة، بينما تختلف الأحصائيات التي قُدرت بعد الغزو إلى أكثر من مليوني نسمة، حيث أن في الفلوجة الصامدة وحدها نصف مليون كلهم من أهل السنة ، وما تعيشه العوائل السنية في الأنبار وباقي المحافظات الست من أهوال النزوح واللجوء المرفوض على حدود أقليم كردستان وباقي المحافظات السنية فضلاً عن بلدان العالم لم يجد الاهتمام الكاف وهم أكثر من مليوني نازح ، وها هو فصل الشتاء القادم على الأبواب يلقي بظلاله على حال جديد يتبارى فيه محنكي المعونات وتجارها .
يبقى الفصل هي بغداد الرشيد وأمر الله فيها ، وحسبنا الله ونعم الوكيل، والله المستعان .
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق