الاثنين، 27 أكتوبر 2014

الشيخ منقذ جبر عضو المكتب السياسي للجيش الإسلامي / أهل السنة ومعركة الهوية

بسم الله الرحمن الرحيم





أهل السنة ومعركة الهوية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول الحق تبارك وتعالى في كتابه الكريم: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، وقال سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ). في الآيتين الكريمتين معانٍ عديدة وأحكام بليغة، لعل من أبينها وأجلاها ما نحن بصدده في هذه الورقات، ألا وهي قضية الانتماء والهوية التي تبنى على أساسها الأمم وتسود، وتدور رحى المعارك والحروب المختلفة، لاستهدافها تغييرا وتبديلاً أو إنهاكاً وإضعافاً.
إن خطاب الباري سبحانه للأمة بقوله: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)، يقرع في أذهان السامعين المخاطبين هذه الحقيقة، وينبه المقصودين بالآية: أن هذه الأمة منسوبة لهم كالملك الخاص الذي يمتلكه كل أحد، مثلما أنهم منسوبون إليها كالنسب القبلي العشائري أو كنسبة أهل الأرحام بعضهم لبعض فقوله " أُمَّتُكُمْ " -والمقصود بها هنا أمة الإسلام- هو بمنزلة الخطاب بعشيرتكم أو قبيلتكم أو أرحامكم، وهذا ظاهر اللفظ من الآية الكريمة، ثم دلت الأدلة الأخرى من الكتاب والسنة وسيرة الأصحاب رضي الله عنهم: أنه إذا تعارضت هاتان النسبتان أعني النسبة إلى "الأمة" والنسبة إلى "القبيلة" فإن نسبة الأمة تُثبَت وتُـحفظ، ونسبة القبيلة والرحم تلغى مهما كانت قريبة ووطيدة، وهذا معلوم من قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، وهو معلوم أيضا من سيرة الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وجهاده.
إن سلف الأمة قد فهموا معنى (الأمة) يقينا واعتقدوه عقيدة وسطروه بأقوالهم وأفعالهم وسيرتهم، حتى أصبح مثالاً أبين من أن يبين وأجلى من أن يوضح، فبلغوا به الغاية وحققوا الهدف، فارتفعت كلمة الإسلام وعلا شأن الدين وأهله، ومضوا ظاهرين منصورين وتحققت نبوءة النبي الكريم، في مسند الإمام أحمد وغيره عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ. وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ: قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ.
إن هذه المقدمة المختصرة هي بوابتنا للولوج إلى مقصدنا ومغزانا من هذه الكلمات، وهو الأمر والأدهى والأخطر على أهل الإسلام في هذا البلد، والذي كثرت فيه أقوالهم وأفعالهم وتجاربهم، لكنها كلها لم تشف عليلا ولم ترو غليلا ولم تضع نقطة البداية التي يجب أن ينطلقوا منها، إذ أن من المعلوم عند العقلاء أن الخطأ في المقدمات يورث الخطأ في المقررات، وكلما كان الخطأ أكبر كان الفساد المترتب عليه أعظم والضرر أكبر، وأصبح العامل يبني في بيت عدوه ويهدم في بيته، ويغرد مع سرب الآخرين بعلم أو بغير علم، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً وأنه الحامي لبيضة الإسلام والسنة، وأنه صمام الأمان لأهل البلد وأنه صاحب الطريق الأصوب والأنفع للخروج من المحنة!. إنها معركة الهوية والانتماء لأهل السنة، وهي المعركة الحاسمة الفاصلة التي تعني الخسارة فيها -نسأل الله العافية- فقدان الهوية وفقدان الوجود، وليس المقصود هنا هو هلاك كل المنتسبين لأهل السنة بمعنى موتهم، ولكن المقصود هو انصهارهم وتبعيتهم المطلقة للأعداء، وهذا هو عين الهلاك، وهذا المعنى من أخطر ما يلبَّس به على أهل السنة للتقليل من خطورة المعركة، وهو قول البعض: (إن ملايين أهل السنة في البلد لا يمكن قتلهم جميعا فلا خوف على أهل السنة من الهلاك)!!! ولا أدري ماذا فعل ملايين أهل السنة في إيران اليوم لهويتهم وانتمائهم؟! فعاصمتهم طهران هي البلد الفرد في العالم الذي لا يرفع فيه أذان الإسلام .
إذا كانت كل معركة لابد لها من إعداد مادي ومعنوي للدخول فيها، سواء فرضت أم اختارتها أطرافها، فإننا نسأل: ماذا أعددنا لهذه المعركة نحن أهل السنة في هذا البلد؟ إن الأدهى من ذلك والأنكى أن أهل السنة ليسوا متفقين أصلاً على وجود معركة من هذا النوع في العراق، وأنه لا توجد معركة هوية وانتماء إنما هي معركة سياسية بين طبقة الساسة فقط، بينما الشعب يد واحدة (إخوان سنة وشيعة)!!!! (العراق لكل العراقيين)!!! إلى آخر هذه الترهات التي يرددها ويتغنى بها طرف واحد من أطراف المعركة بينما يضحك ويقهقه الطرف الآخر على المقالة وقائليها. ولو أمعنا النظر وقلبناه في الطرف الذي يعنينا وهم أهل السنة، لوجدنا العجب العجاب وفظائع الأمور التي تنبئ بمستقبل قاتم إن لم يتداركوا أنفسهم ويعدوا العدة الواجبة لهذه المعركة، فمعركة بهذا الحجم والوضوح والشراسة لا ينبغي أن يدير رحاها أناس ينتسبون لأهل السنة ويزعمون أنهم الرواد والقادة والرموز، ثم لا تسعفهم حنكتهم وذكاؤهم إلى تحديد نوع المعركة أصلاً ومعرفة أسلحتها ونقاط القوة والضعف فيها، فكيف لأمثال هؤلاء أن يرجوا النصر والعاقبة ويقودوا الأمة إلى بر الأمان؟ كيف ذلك؟ ونحن نرى زعامات أهل السنة الدينية والسياسية والاجتماعية، يدورون في حلقة مفرغة وقد فقدوا البوصلة ومنارات الطريق بعلم أو بغير علم، فطائفة منهم -كما ذكرنا -لم يوفقوا في تشخيص موطن المعركة وطبيعتها أصلاً فعاندوا وكابروا وأصروا على أن المعركة سياسية بامتياز، وأنه ليس للطائفية وجود أصلا بين أبناء الشعب، وطفقوا يجمعون الأدلة والبراهين على هذا الأصل الذي ابتدعوه والثابت الذي توهموه وجعلوه بمنزلة النص الشرعي المحكم، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى المجازفة والجرأة على الشريعة وأدلتها، فقالوا بتحريم إنشاء الأقاليم!!! وأن الساعي لها يستحق التعزير أو القتل جزاءً لفعلته التي يريد!!! واستدلوا بأدلة منها الآية التي استفتحنا بها هذا المقال وأدلة أخرى تجعل أصغر طلبة العلم يقف حائراً متعجباً من هذه الجرأة على الشريعة وأحكامها، هذه الجرأة التي نشأت في ما نرى بسبب إضفاء صفة القدسية على ما يسمونه (وحدة العراق) وجعلها أمراً لا يحتمل النظر والنقاش بل التفكير المجرد، الأمر الذي يستدعي رد كل دليل يخالف رأيهم ومذهبهم قطعيا كان أو ظنيا ليسلم لهم أصلهم المتوهم، مما أورثهم وهما قاتلا في إمكانية التعايش بين الشيعة والسنة حتى وصلوا إلى ما هم عليه، ولا حول ولا قوة الا بالله.
وطائفة أخرى من أهل السنة أصبح المنصب المرموق والوظيفة ذات أوصاف: المعالي والسيادة والسعادة و... هو الطريق الوحيد عندهم لخدمة أهل السنة وإنهاء معاناتهم، وهذا وهم قاتل من نوع آخر، فجعلوا يقدمون التنازلات تلو التنازلات حتى أدخلوا أنفسهم في المنكرات الظاهرة الواضحة لقاء مكاسب هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع، فأصبح الحصول على بضع درجات وظيفية وشفاعات هزيلة في الدولة لبعض أهل السنة هو الإنجاز الأكبر، الذي يقنعون به أنفسهم بصواب ما هم فيه، ويدفعهم لمواصلة الطريق وعدم التفكير بحل آخر. وطائفة ثالثة من أهل السنة لا أثر للدين في حياتهم وتفكيرهم، وليس عندهم مشكلة مع من يقول بتحريف القرآن ويسب الأصحاب وأمهات المؤمنين "رضوان الله عليهم " طالما كان عراقياً، ومادامت العلاقة معه تديم لهم ما هم فيه من منصب وسلطة ومصلحة.
وطائفة رابعة منهم وجدوا لهم ما يتاجرون به ويقتاتون عليه، ويقودون به الناس في مرحلة تهيئت لهم فيها فرصة الزعامة تحت ذريعة عروبة كركوك مثلاً والمناطق المتنازع عليها، وهي ليست سوى مطية امتطاها من امتطاها لتحقيق مكاسبه ومآربه، وأصبح على سبيل المثال التعاملُ مع الأكراد عمالةً، بينما الدخولُ في حلف مع الشيعة والعمل لهم والتنظير لحكومتهم سياسة وعروبية!!! ولا حول ولا قوة الا بالله، مع العلم أن كل عاقل يعلم يقيناً أن طبيعة الخلاف مع الأكراد هو خلاف مصلحة يمكن التفاوض فيه وتسويته، لكن المعركة مع الشيعة معركة مصير وهوية وانتماء ووجود.
إن الناظر إلى المكون السني بكل تفاصيله يجد مع شديد الأسف أن أزمة القيادة هي التي جعلتهم يسيرون خلف الإمعات وأعداء الأمس، فساروا خلف علاوي واتخذوه رمزاً ومخلّصاً وصاروا ينظّرون له ويتناقلون أخباره، وهو الذي جاء بالمحتل، وهو الذي دمر مدينتهم "الفلوجة" بالأمس القريب، والتي ما تزال ضحاياها من الملوثات الإشعاعية ماثلة للعيان!، ويجد الناظر كذلك أزمة في الفكر والتحشيد وأزمة في الثقة بين أبناء المكون وأزمة في تنظيم الصفوف ووحدة الهدف وتحديد الخطر ومنبعه وجسامته، مما أورث المجتمع السني هشاشة في البناء الداخلي فتحت الباب واسعا للأعداء كي يخترقوه على مختلف المستويات القيادية منها والشعبية.
إذا عملنا مقارنة سريعة بين بساطة ما حصل في البحرين مثلا، ورد الفعل الهائل الذي صدر من الشيعة في العراق على المستويين الرسمي والشعبي، إذ طرحوا القضية وبكل صلافة على البرلمان وطالبوا بتعطيل عمله وكثرت خطبهم وضجيجهم، وكذلك ما أحدثوه في الشارع من اللافتات المساندة لشيعة البحرين المتهجمة على آل سعود وآل خليفة وكذلك على السلفيين والوهابيين! وكل ذلك في قلب بغداد حتى أن الناظر من بعيد ليظن أن أحداث البحرين حصلت في قلب بغداد فأنتجت رد الفعل القوي هذا، مع العلم أن شيعة البحرين يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة هناك، بل فوق حقوقهم واستحقاقهم، وبالمقابل انظر إلى أحداث سوريا وما وقع فيها من المجازر والقتل والتشريد والتعذيب والتنكيل بأهل السنة، وما وقع عليهم في هذه الشهور العجاف التي قاربت عشرين شهراً، ومع وضوح ذلك كله وجلائه وخدمته إعلاميا بما لا يدع مجالا للشك فيما يحدث هناك، وعِلم الجميع أن الحرب هناك هي حرب إبادة طائفية شاملة يشنها العلويون أصحاب الحكم ضد شعب سوريا السني، مع كل ذلك انظر إلى رد فعل أهل السنة وزعاماتهم وقياداتهم الدينية والسياسية والاجتماعية على حد سواء، ستجد المواقف الخجولة أو السكوت والاكتفاء بالحوقلة أو حتى عدم متابعة الأخبار من هناك كونها تثير الاشمئزاز، مع العلم أن سوريا محاذية للعراق والمصير والإقليم واحد، بينما بيننا وبين البحرين البحور والمسافات الشاسعة، فانظر إلى الفرق بين الموقفين ستعلم حينها حقيقة الضعف والهوان الذي وصل اليه أهل السنة ولا حول ولا قوة الا بالله.
ان الجسد المريض لا يشعر باستفحال المرض يوماً بعد يوم كونه يسير تدريجياً وليس جملة واحدة، حتى إذا استفحل المرض واستحكم وضعفت قوى المريض هجم المرض على هذا الجسد هجمة واحدة حتى يهلكه، وهو لا يحسب أن الهلاك بهذه السرعة والله المستعان، إنني اشبه أهل السنة في العراق بالجسد المريض ولا أظن أنني جازفت أو بالغت ولكنها الحقيقة الساطعة الـمُرة، التي لا يخالف فيها إلا معاند مكابر أو جاهل متعالم.
إن الطرف الآخر –والمقصود هنا الشيعة- مع شديد اختلافهم وتنازعهم على المكاسب والمناصب والمغانم والزعامة، ومع ما بينهم من الدماء والثارات، لكنهم إذا تعلق الأمر بأهل السنة استحالوا يداً واحدة وخطاباً واحداً وصوتاً واحداً، وهذا لعمري عين الصواب لمن أراد الوصول، وتجد عنايتهم بالتحشيد والتأجيج والإكثار من المشاهد والمناسبات التي يستخدمونها بكل عناية ودراية لجذب شارعهم ونشر شعائرهم على أوسع ما يكون، فمثلا في مناسباتهم يرفعون شعاراتٍ نحو: (يا لثارات الحسين)، وعليك أن تتصور ماذا يترك هذا الشعار في أذهان عوام الشيعة؟ الذين عليهم أن يثأروا للحسين، فممن يثأرون وبأية طريقة يثأرون؟ وقد فني بنو أمية وانتهى ذكرهم، ولم يبقَ سوى أحفادهم الوهابيين السلفيين النواصب؟ الذين يعنون بهم أهل السنة لا غير.
إننا بأمس الحاجة على وفق ما تقدم من المعطيات وسرد الوقائع إلى مشروع واسع شامل، يُعتمد هدفاً أساسياً لأهل السنة، وهو: (بناء الذات)، والذي يتضمن تصحيح المفاهيم وترسيخ الهوية والانتماء معنوياً وسلوكياً، وعلينا تحديد مصدر الخطر وتشخيص الداء الذي يعاني منه الجسد السني، قبل الغوص في لجج التحديات والضغوط الخارجية التي يتعرض لها أهل السنة. إن الجسد المريض لا يقوى على مواصلة الحياة ومكابدة مشاقها، وكذلك نحن في المجتمع السني، لا يمكن أن ننتظر النصر والتمكين وسيادة أهل السنة في البلد ونحن على هذه الحال، إذ لا يشرع لنا أن نتربص نصر الله لنا القائل في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) حتى نغير حالنا ونصلح أمورنا، وعلينا إدراك أن السنن الكونية نافذة وغالبة، ومن أراد الفلاح في الدارين فعليه أن يوفق بين السنن الشرعية والسنن الكونية، ولا ينتظر القارعة تنزل من السماء كي تحيل أعداءه إلى غثاء أحوى.
إن نظرة سريعة إلى مجريات معركة أهل السنة في بلاد الشام مع العلويين، يتبين لك من خلالها ما هو ثمن النصر والتمكين، الثمن الحقيقي الطبيعي في معركة بهذا الحجم والضرب في أعماق التاريخ، أما أن يعمد أهل السنة إلى تكرار التجارب السابقة كل على شاكلته من مشاركة سياسية هزيلة أو نشاط في تجربة انتخابية لا تخدم سوى مصالح أصحابها الشخصية أو تشكيل جماعة أو إعلان أخرى أو هيئة أو رابطة أو ما شاكل ذلك، فتلك الحلول المجتزئة لا تغير من واقع المعركة شيئا، وربما كانت تصب في صالح الخصم كلياً أو جزئياً مما لا يزيد أهل السنة إلا ضعفا وتفرقا.
إن كل هذه التجارب التي ذكرنا من الممكن أن تكون ذات نفع وجدوى في المعركة إذا وجهت وجهة واحدة على طريق واحد وفي إطار واحد، يكمل بعضها بعضا ويشد بعضها أزر بعض، وهذا هو الأمل المنشود، أما أن تبقى على الحال التي هي عليه فلا ننتظر منها سوى زيادة في البعد عن الهدف وسهولة القضم والاحتواء من قبل العدو، ولا حول ولا قوة الا بالله.
نسأل الله تعالى أن يهيئ لأهل السنة أمراً رشيداً ،يجمع شتاتهم ويوحد كلمتهم ويرفع منارهم ويحقق لهم أسباب النصر والتمكين، أنه نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الشيخ منقذ جبر
عضو المكتب السياسي للجيش الإسلامي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق